فافهم (١).
نعم (٢) ؛ إنما اعتبر ذلك في الامتثال ، لما عرفت (٣) من : إنه لا يكاد يكون الآتي بها
______________________________________________________
(١) لعله إشارة إلى : أنه كما أن الإرادة التكوينية تتعلق بذات المقدمة لا بخصوص المقصود بها التوصل ، فكذلك الإرادة التشريعية إنما تتعلق بذات المقدمة ؛ إذ لا فرق بينهما من هذه الناحية.
أو إشارة إلى : امتناع دخل قصد التوصل في وجوب المقدمة وذلك لوجهين :
أحدهما : أن دخل القصد المذكور يوجب صيرورة المقدمة المقيدة به واجبة الوجود بالعرض وهو : وجوب قصد التوصل ، وبعد وجوبه يمتنع تعلق الوجوب الغيري به ؛ للزوم طلب الحاصل ، إذ الغرض من الأمر : إحداث الداعي في العبد لإيجاد متعلقه ، وبعد وجود الداعي ـ وهو قصد التوصل ـ لا معنى للبعث الموجب لحدوث الداعي.
ثانيهما : لزوم صيرورة الواجب النفسي مباحا ، حيث إن دخل قصد التوصل بالمقدمة إلى ذيها مترتب على إرادة ذي المقدمة ؛ لكون وجوبها معلولا لوجوب ذيها ، فيلزم أن يكون وجوب ذيها مترتبا على إرادته ، فبدون الإرادة لا وجوب له وهو كما ترى ؛ كما في «منتهى الدراية ، في هامش صفحة ٢٨٨ من ج ٢».
وقيل : إنه إشارة إلى ضعف نسبة هذا القول إلى الشيخ ؛ إذ ذهب في الطهارة إلى ما يوافق مذهب المصنف حيث قال ما حاصله : إن قصد القربة اللازم في المقدمات إن كان بلحاظ أمرها الغيري يلزم قصد التوصل فيها ، حيث إنه لا يعد اطاعة لذلك الأمر الغيري إلّا بهذا القصد ، وإن كان ذلك باعتبار رجحانها الذاتي ـ لا بلحاظ وجوبها المقدمي ـ لا حاجة إلى قصد التوصل في صحته ، واتصافه بالوجوب. انتهى (١).
(٢) قوله : «نعم ...» إلخ استدراك على عدم دخل قصد التوصل في الواجب وحاصله : أنه اعتبر قصد التوصل في مقام الامتثال ، وفي إطاعة الأمر الغيري.
(٣) لما عرفت في التذنيب الثاني : «من أنه لا يكاد يكون الآتي» بالمقدمة بدون قصد التوصل ممتثلا لأمرها المقدمي.
وحاصل الكلام في المقام : أن قصد التوصل وإن لم يكن معتبرا وقيدا في الواجب لكنه دخيل في حصول امتثال الأمر الغيري ؛ بمعنى : أن الآتي بالمقدمة بلا قصد التوصل لا يكون ممتثلا لأمرها الغيري المقدمي ، وكذلك لا يكون الآتي بها بلا قصد التوصل شارعا في امتثال الأمر بذي المقدمة حتى يثاب المكلف بثواب الأعمال بإتيانه مقدمة
__________________
(١) طهارة الشيخ ص ٨٦ الركن الثاني في كيفية نية الوضوء. نقلا عن الوصول إلى كفاية الأصول ج ٣ ، ص ١٣١.