دون انتظار لترتب الواجب عليها ؛ بحيث لا يبقى في البين إلّا طلبه وإيجابه ، كما إذا لم تكن هذه بمقدمته ، أو كانت حاصلة من الأول قبل إيجابه ، مع إن الطلب لا يكاد يسقط إلّا بالموافقة أو بالعصيان والمخالفة ، أو بارتفاع موضوع التكليف ، كما في سقوط الأمر بالكفن أو الدفن بسبب غرق الميت أحيانا أو حرقه ، ولا يكون الإتيان بها (١) بالضرورة من هذه الأمور غير الموافقة.
إن قلت (٢) : كما يسقط الأمر بتلك الأمور ، كذلك يسقط بما ليس بالمأمور فيما يحصل به الغرض منه ، كسقوطه في التوصليات بفعل الغير ، أو المحرمات.
______________________________________________________
وأن معروض الوجوب الغيري هو مطلق المقدمة لا خصوص الموصلة ، كما زعم صاحب الفصول.
(١) أي : ولا يكون الإتيان بالمقدمة في المقام إلّا من باب الموافقة ، يعني : أن سقوط وجوب المقدمة مستند إلى الموافقة وهو المطلوب.
وكيف كان ؛ فإن المسقط للتكليف أحد أمور ثلاثة :
١ ـ العصيان والمخالفة.
٢ ـ ارتفاع موضوع التكليف.
٣ ـ الموافقة. ولا ريب في أن سقوط الوجوب الغيري في المقام إنما هو بالموافقة وإتيان المقدمة ، كما لا ريب في إن السقوط ليس مستندا إلى العصيان ، أو انتفاء الموضوع ، وحيث لم يكن حينئذ هناك إيصال فاللازم كون غير الموصلة أيضا واجبا وهو المطلوب.
(٢) هذا إشكال على انحصار مسقطات الأمر في الأمور الثلاثة المتقدمة ، أعني : المخالفة وانتفاء الموضوع والموافقة.
وحاصل الإشكال : أن هناك مسقطا رابعا للأمر ، وهو : ما يسقط الأمر مع عدم كونه مأمورا به ؛ لوفائه بالغرض الداعي إلى الأمر كفعل الغير في الواجبات التوصلية ، فإن الأمر فيها يسقط بفعل الغير كسقوط الأمر بتطهير الثوب مثلا ، الحاصل بفعل الغير ، مع وضوح : عدم كون فعل الغير واجبا ، فيسقط الأمر بما ليس مأمورا به ، فيمكن أن يكون المقام من هذا القبيل ، فسقوط الأمر أعم من الامتثال ، فلا يدل على كون مسقطه مأمورا به ، وعليه : فسقوط الأمر الغيري ـ بمجرد الإتيان بالمقدمة من دون انتظار لترتب ذي المقدمة ـ لا يكشف عن كونها متعلقة للوجوب الغيري ، وقد سقط قبل الترتب كي يقال إنه لو كان الترتب معتبرا في وقوعها على صفة الوجوب لم يسقط وجوبها بلا ترتب ذيها عليها.