مع إن في صحة المنع عنه كذلك نظر ، وجهه : أنه يلزم أن لا يكون ترك الواجب حينئذ مخالفة وعصيانا ـ لعدم التمكن شرعا منه ـ لاختصاص جواز مقدمته بصورة الإتيان به.
وبالجملة : يلزم أن يكون الإيجاب مختصا بصورة الإتيان ؛ لاختصاص جواز المقدمة بها وهو محال ، فإنه يكون من طلب الحاصل المحال ، فتدبر جيدا.
بقي شيء : وهو أن ثمرة القول بالمقدمة الموصلة هي : (١) تصحيح العبادة التي
______________________________________________________
وقد مر : أن المنع الشرعي كالعقلي ، فيكون ترك ذي المقدمة عن عذر شرعي ، فلا يعد عصيانا. هذا ملخص ما في «منتهى الدراية ، ج ٢ ، ص ٣٣٠» مع تصرف ما.
فالحاصل : أنه يلزم من المنع عن المقدمات إلّا الموصلة أحد محذورين والتالي باطل فالمقدم ـ وهو المنع عن المقدمات إلّا الموصلة ـ أيضا باطل. وفي المقام كلام طويل تركناه رعاية للاختصار وتجنّبا عن التطويل الممل.
قوله : «فتدبر جيدا» لعله إشارة إلى دقة المطلب ، بقرينة قوله : «جيدا» ، أو إشارة إلى أن في الكلام خلطا حيث إن المقدمة الجائزة هي التي يكون بعدها الواجب ؛ لا أن المقدمة تكون جائزة بشرط الإتيان بذيها حتى يكون من طلب الحاصل.
ثمرة القول بالمقدمة الموصلة
(١) الثمرة هي : تصحيح العبادة التي يتوقف على تركها فعل الواجب. توضيح هذه الثمرة يتوقف على أمور :
منها : أن يكون ترك أحد الضدين مقدمة لفعل الضد الآخر ؛ كترك الصلاة مقدمة لفعل الإزالة.
ومنها : أن تكون مقدمة الواجب المطلق واجبة مطلقا أي : سواء كانت موصلة أم كانت غير موصلة حتى يجب الصلاة مقدمة للإزالة.
ومنها : أن يكون الأمر بالشيء على نحو الإيجاب مقتضيا للنهي عن الضد ، ليكون الترك الواجب مقتضيا للنهي عن ضده ، وهو فعل الصلاة في المثال المذكور.
ومنها : أن يكون النهي عن العبادة مقتضيا لفسادها ، فتبطل الصلاة في المثال المزبور للنهي عنها ؛ الموجب لفسادها حسب الفرض.
إذا عرفت هذه الأمور فاعلم : أن ثمرة القول بوجوب المقدمة الموصلة هي صحة الصلاة التي يتوقف على تركها فعل الإزالة الذي هو واجب فوري ، فتصح الصلاة على القول بوجوب خصوص المقدمة الموصلة ؛ لأنها ليست نقيضا للترك الموصل إلى ذي