قلت : (١) وأنت خبير بما بينهما من الفرق ؛ فإن الفعل في الأول لا يكون إلّا مقارنا لما هو النقيض ؛ من رفع الترك المجامع معه تارة ، ومع الترك المجرد أخرى ، ولا تكاد تسري حرمة الشيء إلى ما يلازمه ، فضلا عما يقارنه أحيانا.
______________________________________________________
وحاصل الفرق بينهما : انحصار مصداق النقيض في مطلق الترك بالفعل فقط ، بخلاف الترك الخاص ، فإن لنقيضه ـ كما عرفت ـ فردين : أحدهما : فعل الضد ، كالصلاة ، والآخر : تركه المجرد عن الإيصال.
لكن هذا الفرق لا يوجب تفاوتا في الحكم بحرمة العبادة ؛ لأجل الملازمة بين الصورتين ، وهما : وجوب الترك المطلق ، ووجوب خصوص الترك الموصل. وهذا ما أشار إليه بقوله : «وذلك لا يوجب فرقا فيما نحن بصدده» أي : الفرق المذكور لا يوجب تفاوتا ـ فيما نحن بصدده ـ أي : إثبات الحرمة والفساد للعبادة بسبب الملازمة المزبورة.
(١) أجاب المصنف «قدسسره» عن إشكال الشيخ الأنصاري على صاحب الفصول «قدسسره» بقوله : «وأنت خبير بما بينهما من الفرق» أي : بين نقيضي الترك الموصل والترك المطلق من الفرق ، وقد صحح المصنف كلام صاحب الفصول ، ودفع إشكال الشيخ عنه.
وحاصل ما أفاده المصنف : ـ على ما في «منتهى الدراية ج ٢ ، ص ٣٤٦» ـ أنه فرق واضح بين نقيضي الترك المطلق والترك المقيد بالإيصال ، حيث إن النقيض في الترك المطلق والرافع له هو الفعل بنفسه وإن عبّر عن النقيض برفع الترك ، لقولهم : «إن نقيض كل شيء رفعه» ، فإن هذا التعبير وإن كان يوجب المغايرة مفهوما بين الفعل ورفع الترك ؛ لأن رفع الترك غير الفعل مفهوما ، كما هو واضح ، لكنه متحد مع الفعل عينا وخارجا ، فترك الترك عنوان مشير إلى الفعل ، ومرآة للوجود الخارجي الذي هو النقيض حقيقة ، ويستحيل اجتماعه مع العدم وارتفاعهما معا ؛ لامتناع اجتماع كلا النقيضين وارتفاعهما ، فبناء على وجوب مطلق الترك يكون نقيضه ـ وهو وجود الصلاة ـ منهيا عنه ، فتبطل على فرض الإتيان بها.
وبناء على وجوب الترك الخاص ـ وهو الترك الموصل ـ يكون نقيضه عدم هذا الترك الخاص. ومن المعلوم : أن الفعل حينئذ يكون مقارنا لهذا الترك ، لا ملازما له ؛ لأنه قد يفارقه ، فلا يأتي بالفعل كالصلاة ، كما لا يأتي بالواجب الأهم كالإزالة. نظير مقارنة ترك الصوم لفعل الصلاة ؛ فإنه لا مجال لتوهم كون الصلاة من أفراد ترك الصوم ، وقد قرر في محله : أن حرمة الشيء لا تسري إلى ملازمه ـ فضلا عن مقارنه ـ فلا تكون الصلاة حينئذ محرمة ، فلو أتى بها كانت صحيحة ، فما أفاده الفصول من الثمرة ـ وهي