نفسيا أو غيريا ، وأخرى : متعلقا للإرادة تبعا لإرادة غيره ؛ لأجل كون إرادته لازمة لإرادته ؛ من دون التفات إليه بما يوجب إرادته لا بلحاظ الأصالة والتبعية في مقام الدلالة والإثبات ، فإنه يكون في هذا المقام تارة : مقصودا بالإفادة ، وأخرى : غير مقصود بها على حدة ، إلّا إنه لازم الخطاب كما في دلالة الإشارة (١) ونحوها (٢).
وعلى ذلك ، فلا شبهة في انقسام الواجب الغيري ، إليهما واتصافه بالأصالة والتبعية كلتيهما (في نسخة : كليهما) ، حيث (٣) يكون متعلقا للإرادة على حدة عند
______________________________________________________
(١) أي : وهي ما لا يكون المدلول فيها مقصودا بالخطاب ؛ كدلالة الآيتين على إنّ أقل مدة الحمل ستة أشهر ؛ وهما : قوله تعالى : (والوالدات يرضعن أولادهنّ حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرّضاعة)(١) ، وقوله تعالى : (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا)(٢) فإن المستفاد منهما هو : أقل مدة الحمل ستة أشهر ؛ لكنه غير مقصود بالخطاب ، فيكون مقصودا بالتبع لا بالأصالة.
(٢) أي : نحو دلالة الإشارة ، كدلالة القضية الشرطية وغيرها من القضايا ذوات المفاهيم على مفاهيمها ؛ حيث إن المفهوم ليس مقصودا بالأصالة ، بل المقصود بالأصالة فيها هي الدلالة المنطوقية على ما قيل ؛ ولكن فيه إشكال ، لأن المفاهيم مقصودة بالخطاب كالمناطيق ، غاية الأمر : أن الدلالة المفهومية في طول الدلالة المنطوقية ، ومن البديهي : أن الطولية لا تنافي كون كل من المدلولين مقصودا بالإفادة ، فجعل المفاهيم من قبيل دلالة الإشارة ليس في محله ، بل هو غير سديد.
وكيف كان ؛ فعلى ما هو مختار المصنف من كون هذا التقسيم ناظرا إلى مقام الثبوت فلا شبهة في انقسام الواجب الغيري إلى الأصلي والتبعي كما أشار إليه بقوله : «وعلى ذلك» أي : على كون التقسيم بلحاظ مقام الثبوت فلا شك في اتصاف الواجب الغيري بالأصلي والتبعي.
(٣) بيان لاتصاف الواجب الغيري بالأصالة والتبعية ، فإن الوضوء مثلا مراد تفصيليّ في قوله تعالى : (إذا قمتم إلى الصّلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق)(٣) ، فيكون واجبا أصليا مع كونه غيريا ، ونصب السلم مثلا مقدمة للواجب النفسي ـ وهو الكون على السطح ـ واجب غيري تبعي ؛ لعدم تعلق الإرادة به مستقلا
__________________
(١) البقرة : ٢٣٣.
(٢) الأحقاف : ١٥.
(٣) المائدة : ٦.