نعم ؛ (١) لو كان الاتصاف بهما بلحاظ الدلالة اتصف النفسي بهما أيضا ، ضرورة : أنه قد يكون غير مقصود بالإفادة ؛ بل أفيد بتبع غيره المقصود بها (٢).
لكن الظاهر ـ كما مر (٣) ـ أن الاتصاف بهما (٤) إنما هو في نفسه لا بلحاظ حال
______________________________________________________
وحاصل الكلام : أن الواجب النفسي لا يتصف بالتبعية ؛ لأنه مع الالتفات إليه ، وكونه ذا مصلحة نفسية يتعلق به الطلب مستقلا لا تبعا لغيره ، ومع عدم الالتفات إليه لا يتصف بشيء منهما أصلا.
(١) استدراك على ما أفاده من : عدم اتصاف الواجب النفسي بالتبعية ، وحاصله : أن عدم اتصاف الواجب بالتبعية إنما هو بناء على كون الأصالة والتبعية بلحاظ الإرادة التي هي مقام الثبوت.
وأما بناء على كونهما بلحاظ مقام الإثبات والدلالة : فلا إشكال في اتصاف الواجب النفسي بالأصالة والتبعية كالواجب الغيري ؛ لأن الواجب النفسي في مقام الإثبات والدلالة يمكن أن يكون مقصودا بالإفادة ، ويمكن أن لا يكون مقصودا بها ؛ بل يفاد بتبع شيء آخر ، فالمقصود بالإفادة هو : ذلك الشيء ، ويفاد الواجب النفسي تبعا له ، نظير ما دل على شرطية تقدّم الظهر لصحة العصر ؛ فإن المقصود بالإفادة منه هو شرطية تقدمها لا كونها واجبا نفسيا.
(٢) أي : بالإفادة.
(٣) أي : مر في أول البحث حيث قال : «والظاهر : أن يكون هذا التقسيم بلحاظ الأصالة والتبعية في الواقع ومقام الثبوت».
(٤) يعني : بالأصالة والتبعية «إنما هو في نفسه» يعني : أن الواجب في نفسه إما أصلي وإما تبعي ؛ سواء دل دليل لفظي عليه أم لا. فالظاهر : أن الواجب في نفسه يتصف بالأصالة والتبعية.
وجه الظهور : أن كون الوصف بحال الموصوف أولى من أن يكون بلحاظ حال المتعلق ، أعني : دلالة الدليل. ومن المعلوم : أن جعل الأصالة والتبعية بحسب مقام الثبوت يوجب كون الوصف ـ وهو الأصلي والتبعي ـ بحال الموصوف. أعني : نفس الوجوب ؛ كقولنا : الوجوب الأصلي والوجوب التبعي ، هذا بخلاف لحاظهما بحسب مقام الإثبات ، فإن الوصف يكون بحال المتعلق ـ وهو الدليل ـ كقولنا : الوجوب الأصلي ما تكون دلالة دليله عليه أصالة ، والتبعي ما تكون دلالة دليله عليه تبعا ، فالأصالة والتبعية في الحقيقة وصفان لدلالة دليل الوجوب لا للوجوب نفسه. هذا ما أشار إليه بقوله : «إن