ملاكه ومناطه ، والتفصيل بين السبب وغيره (١) ، والشرط الشرعي وغيره سيأتي بطلانه ، وإنه لا تفاوت في باب الملازمة بين مقدمة ومقدمة.
ولا بأس بذكر الاستدلال الذي هو كالأصل (٢) لغيره ـ مما ذكره الأفاضل عن الاستدلالات ـ وهو ما ذكره أبو الحسن البصري ، وهو : أنه لو لم يجب المقدمة لجاز تركها ، وحينئذ فإن بقي الواجب على وجوبه يلزم التكليف بما لا يطاق ، وإلّا خرج الواجب المطلق عن وجوبه.
______________________________________________________
(١) قوله : «والتفصيل ...» إلخ دفع لما يمكن أن يقال : إنه ليس مناط الوجوب الغيري هو التوقف والمقدمية ؛ حتى يتعدى منه إلى جميع المقدمات ، بل يحتمل أن يكون فيما وجب من المقدمات كونها سببا أو شرطا شرعيا ، وذلك يقتضي وجوب ما يكون سببا أو شرطا شرعيا فقط ، ولازم ذلك : عدم وجوب جميع المقدمات. فإنّه يقال في دفع هذا الإشكال : إنه لا خصوصية في السبب أو الشرط في الوجوب الغيري ، فلا وجه لتوهم التفصيل أصلا ، وسيأتي بطلانه فانتظر.
(٢) بمعنى : أن سائر الأدلة مشتقة منه ؛ كاشتقاق المشتقات من المصدر ، حيث إن تلك الأدلة مشتملة على بعض ما تضمنه دليل أبي الحسن البصري.
وحاصل الاستدلال : الذي ذكره أبو الحسن البصري على وجوب المقدمة ، وجعله المصنف كالأصل : أنه لو لم تجب المقدمة لجاز تركها ، ضرورة : أن عدم وجوبها يستلزم جواز تركها ، وبعد فرض جواز الترك ؛ فإن لم يبق ذو المقدمة على وجوبه لزم خروج الواجب النفسي المطلق عن وجوبه ، وإن بقي على وجوبه لزم التكليف بما لا يطاق ، بداهة : أن ترك المقدمة المفروض جوازه يوجب امتناع وجود الواجب في الخارج ، فالتكليف بإيجاد ذي المقدمة يصير حينئذ من التكليف بغير مقدور ، وهو قبيح على العاقل فضلا على الحكيم.
وكيف كان ؛ فيلزم من جواز ترك المقدمة أحد محذورين : إما التكليف بما لا يطاق لو بقي ذو المقدمة على وجوبه. وإما الخلف لو خرج عن وجوبه.
أما الأول : فواضح.
وأما الثاني : فلأن المفروض : إطلاق وجوب الواجب بالنسبة إلى مقدمته ، وعدم اشتراط وجوبه بوجودها ، ففرض عدم وجوبه ـ حين ترك المقدمة ـ يرجع إلى اشتراط وجوبه بوجودها ، وهو خلاف ما فرضناه من إطلاق الوجوب.
ومن البديهي : بطلان كلا المحذورين ، فعدم وجوب المقدمة ـ الذي هو منشأ هذين المحذورين ـ أيضا واضح البطلان ؛ لكشف فساد اللازم ـ وهو : عدم وجوب ذي المقدمة ـ