وفيه : (١) ـ بعد إصلاحه بإرادة عدم المنع الشرعي من التالي في الشرطية الأولى لا الإباحة الشرعية ، وإلّا كانت الملازمة واضحة البطلان ، وإرادة الترك عما أضيف إليه
______________________________________________________
عن فساد وبطلان الملزوم ؛ وهو : عدم وجوب المقدمة فالنتيجة هي : وجوب المقدمة.
(١) أي : يرد في هذا البرهان والاستدلال بعد إصلاحه ما أشار إليه بقوله : «ما لا يخفى» ، فلا بد أولا من إصلاح هذا البرهان ؛ بنحو يندرج في البراهين التي لها صورة ، ثم التعرض لما يرد عليه من الإشكال فيقع الكلام في مقامين :
المقام الأول : في إصلاح الدليل المذكور.
المقام الثاني : في بيان ما يرد عليه من الإشكال.
أما المقام الأول : ـ وهو إصلاح البرهان المذكور ـ فتوضيحه : يتوقف على مقدمة وهي : أن المستدل ـ بالدليل المذكور على وجوب المقدمة ـ لمّا رتب دليله من قضيتين شرطيتين ، فلا بد من الملازمة بين المقدم والتالي في كلتا الشرطيتين وهما : ١ ـ أنه لو لم تجب المقدمة لجاز تركها. ٢ ـ وحينئذ فإن بقي الواجب على وجوبه يلزم التكليف بما لا يطاق ، وإلّا خرج الواجب المطلق عن كونه واجبا ، إذ لو لا الملازمة بين المقدم والتالي في القضية الشرطية في القياس الاستثنائي لما ينتج من بطلان التالي بطلان المقدم ، ولا ملازمة بين المقدم والتالي في الشرطيتين بحسب ما هو ظاهر قول المستدل ؛ فلا بد من الإصلاح على نحو تتحقق الملازمة بين المقدم والتالي في كلتا الشرطيتين.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول : إن إصلاح الشرطية الأولى إنما هو : أن يكون المراد من جواز ترك المقدمة المستفاد من قوله : «لجاز تركها» : عدم منع شرعي عن تركها ، فالمراد من قوله : «لجاز تركها» أي : لم يمنع الشارع تركها ؛ إذ لا ملازمة بين عدم وجوب المقدمة وبين جواز تركها إذا كان المراد من الجواز الإباحة الشرعية ؛ لأن رفع الوجوب الغيري عن المقدمة لا يستلزم خصوص الإباحة الشرعية ؛ بل يتردد الحكم الباقي بين الأحكام الأربعة بناء على عدم خلو الواقعة عن حكم شرعي. وأما إذا كان المراد من جواز الترك عدم المنع الشرعي عن ترك المقدمة لكانت الملازمة ـ بين المقدم والتالي ـ ثابتة حينما نقول : إنه لو لم تجب المقدمة لم يكن منع شرعي عن تركها.
هذا تمام الكلام في إصلاح الشرطية الأولى.
أما إصلاح الشرطية الثانية فهو : أن يراد الترك عما أضيف إليه الظرف أعني : كلمة «حينئذ» بأن يكون التقدير حين تركها ؛ لا حين جواز تركها كما هو ظاهر قول المستدل ؛ لأن بقاء الواجب على وجوبه حين جواز ترك المقدمة لا يوجب التكليف بما لا يطاق ، بل