خلاصة البحث مع رأي المصنف «قدسسره»
يتلخص البحث في أمور :
١ ـ لا أصل في المسألة الأصولية : أعني : الملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدمته ، وإن كان هناك أصل في المسألة الفقهية أعني : وجوب المقدمة ؛ وذلك فإن الأصل الذي يمكن فرضه في المقام هو الاستصحاب ، فإذا شك في وجوب مقدمة بعد وجوب ذيها يجري استصحاب عدم وجوبها ؛ لأنه كان متيقنا قبل وجوب ذيها فيجري استصحاب عدم الوجوب عند الشك في الوجوب.
هذا بخلاف الأصل في المسألة الأصولية أعني : الملازمة بين الوجوبين ، فلا يجري استصحاب عدم الملازمة ولا استصحاب وجودها ؛ لعدم الحالة السابقة المعتبرة في الاستصحاب ، إذ ليست لها حالة سابقة ، بل إنها إما موجودة من الأول أو منفية كذلك ، فليس هناك يقين سابق بحدوث الملازمة ولا بعدمه ، كي يجري الاستصحاب. ومن البديهي : أن الاستصحاب يتوقف على اليقين السابق ، والشك اللاحق.
نعم ؛ هناك توهم عدم جريان الاستصحاب في المسألة الفقهية. بتقريب : أن ما يعتبر في الاستصحاب هو : أن يكون المستصحب إما مجعولا شرعيا كالوجوب والحرمة ونحوهما ، وإما أن يكون موضوعا لحكم شرعي كالعدالة والاجتهاد ونحوهما ، والمستصحب في المقام ليس مجعولا شرعيا ، ولا موضوعا يترتب عليه حكم شرعي ؛ لأن وجوب المقدمة لازم لماهية وجوب ذيها كزوجية الأربعة ، ولازم الماهية ليس من الأمور المجعولة أصلا ، فلا يجري الاستصحاب لانتفاء ما يعتبر فيه.
وحاصل ما أفاده المصنف في دفع هذا التوهم هو : أن وجوب المقدمة على الملازمة وإن لم يكن مجعولا للشارع مستقلا ، إلّا إنه مجعول شرعا بتبع جعل وجوب ذي المقدمة. وهذا المقدار من المجعولية الشرعية يكفي في جريان الاستصحاب فيه.
وهناك إشكال آخر على استصحاب عدم وجوب المقدمة وهو : استحالة تفكيك المتلازمين ؛ إذ على فرض الملازمة بين الوجوبين : يلزم تفكيك المتلازمين باستصحاب عدم وجوب المقدمة مع وجوب ذيها ، والمفروض : تلازمهما.
وملخص الجواب عن هذا الإشكال : أن نفي وجوب المقدمة بالأصل ظاهرا لا ينافي الملازمة بين الوجوبين الواقعيين. هذا تمام الكلام في الأصل.
٢ ـ الكلام في الدليل على الملازمة وهو الوجدان :