فصل
الأمر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضده ، أو لا؟
______________________________________________________
في مسألة الضد
وقبل الخوض في البحث ينبغي ذكر أمور عدا ما ذكره المصنف :
١ ـ أن الحق هو : كون هذه المسألة من المسائل الأصولية ؛ لا من المسائل الفقهية ، بدعوى : أن البحث فيها عن ثبوت الحرمة لضد الواجب ، وعدم ثبوت الحرمة له ؛ بل المسألة أصولية ؛ لأن الغرض الأصيل فيها هو : إثبات الملازمة بين وجوب الشيء وحرمة ضده ، ثم هذه الملازمة تقع في طريق استنباط حكم شرعي ، وهو حرمة الضد عند وجوب ضده ، ولكن لا ملازمة بين القول بوجوب المقدمة في المسألة السابقة ، وبين القول بحرمة الضد هنا.
٢ ـ إن المراد من الضد في المقام ليس الضد بالمعنى المنطقي ، المختص بالأمر الوجودي المعاند لغيره تمام المعاندة ؛ بل المراد منه في المقام هو : مطلق المنافي والمعاند ؛ سواء كان أمرا وجوديا ـ وهو المعبر عنه بالضد الخاص ـ أو كان أمرا عدميا وهو المعبر عنه بالضد العام.
٣ ـ بيان وجه التسمية : أن تحقق الخاص مستلزم لتحقق العام دون العكس ، كالإنسان والحيوان ، حيث إن وجود الإنسان مستلزم لوجود الحيوان دون العكس ، ففي المقام وجود الضد الخاص كالصلاة مستلزم لتحقق الضد العام كترك إزالة النجاسة دون العكس أي : ترك الإزالة لا يستلزم وجود الصلاة. فالضد العام هو : ترك المأمور به ، والضد الخاص هو : مطلق المعاند الوجودي ، وقد قسّم الأصوليون الضد إلى هذين القسمين. وعلى هذا التقسيم تنحل مسألة الضد إلى مسألتين ؛ موضوع إحداهما : هو الضد العام ، وموضوع الأخرى : هو الضد الخاص.
فيقال في تحديد المسألة الأولى : هل الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده العام أم لا؟ مثلا : إذا قال المولى : «صلّ صلاة الظهر». فهل هو نهي عن تركها؟ كأنه قال : «لا تترك الصلاة» ، فترك الصلاة ضد عام للصلاة ؛ بمعنى : أنه معاند لفعلها ، والأمر بها نهي عن تركها.