اتصافها بالوجوب من قبل الوجوب المشروط بها ، وكذلك المقدمة العلمية (١) وإن
______________________________________________________
كالاستطاعة التي هي شرط لوجوب الحج ، فإنها لا تتصف بهذا الوجوب المقدمي ؛ لأن الاستطاعة من قبيل جزء العلة لوجوب الحج ، فهي متقدمة على الوجوب تقدم العلة على المعلول ، فلا يعقل ترشح الوجوب عن المعلول على العلة ؛ لأنه مستلزم لتحصيل الحاصل إن ثبت وجوب المقدمة من أمر خارج ، أو تقدم الشيء على نفسه إن أريد إثباته من نفس وجوب ذي المقدمة ، وكلاهما محال ؛ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٢ ، ص ١٢٨» مع تصرف ما.
وبالجملة : أن مقدمة الوجوب خارجة عن محل النزاع ؛ لأن الوجوب النفسي لا يتحقق إلّا بعد تحققها ؛ نظير الاستطاعة بالنسبة إلى وجوب الحج ، ومعه لا يعقل فرض ترشح الوجوب من ذيها عليها ؛ للزوم طلب الحاصل.
(١) أي : المقدمة العلمية كمقدمة الوجوب أيضا خارجة عن حريم نزاع وجوب مقدمة الواجب ، لأنها مما لا يتوقف عليها وجود الواجب واقعا ، فإن الصلاة إلى كل جهة من الجهات المحتملة للقبلة لا تكون دخيلة في حصول نفس الواجب الواقعي ، نعم ؛ هي دخيلة في حصول ما هو واجب عقلا وهو حصول العلم بالامتثال ، فتكون واجبة بالوجوب العقلي الإرشادي من باب وجوب الإطاعة لا الوجوب الشرعي المولوي من باب الملازمة ؛ لعدم كونها مقدمة له ، ولهذا يقول المصنف : «إلّا إنه من باب وجوب الإطاعة إرشادا» أي : إلّا إن الوجوب في مقدمة العلم عقلي محض من باب حكم العقل بدفع الضرر المترتب على مخالفة الواجب المنجز.
والمتحصل من جميع ما ذكرناه : أن المقدمة العلمية لا ربط لها بالمقام ، ومحل الكلام أصلا ؛ وإنما هي عبارة عن حكم العقل بلزوم إتيان جميع المحتملات إرشادا إلى حصول الإطاعة والامتثال ، فانحصرت المقدمة المبحوث عنها في مقدمة الوجود.
خلاصة البحث مع رأي المصنف «قدسسره»
١ ـ التقسيم الثالث للمقدمة هو تقسيمها إلى أربعة أشياء :
١ ـ مقدمة الوجود. ٢ ـ مقدمة الصحة. ٣ ـ مقدمة الوجوب. ٤ ـ مقدمة العلم. والفرق بينها واضح.
٢ ـ لا إشكال في دخول مقدمة الوجود في محل النزاع ، كما لا إشكال في خروج مقدمة الوجوب ، ومقدمة العلم عن محل النزاع.
أما وجه خروج مقدمة الوجوب عن محل النزاع : فلأن المقدمة التي يتوقف عليها