وعدم (١) خلو الواقعة عن الحكم فهو إنما يكون بحسب الحكم الواقعي لا الفعلي ،
______________________________________________________
ولا شرعا ، فالمتحصل هو : منع الاقتضاء من جهة التلازم ؛ كمنعه من جهة مقدمية عدم الضد.
وخلاصة وجه منع الاقتضاء من ناحية التلازم : هو منع الكبرى وهي لزوم اتحاد المتلازمين وجودا في الحكم ؛ وذلك لما تقرر عند مشهور العدلية : من تبعية الأحكام لما في متعلقاتها من الملاكات الداعية إلى تشريعها ، والتلازم المذكور يوجب ثبوت الحكم للملازم بلا ملاك يدعو إلى تشريعه له ، لوضوح : أن المفروض : عدم الملاك إلّا في متعلق الحكم ؛ كالاستقبال الذي هو واجب ، لمصلحة فيه. وأما ملازمه : ـ كاستدبار الجدي في بعض الأمكنة ـ فلا ملاك له يقتضي وجوبه.
وإثبات الوجوب له للتلازم بينه وبين الاستقبال الواجب مما لا يساعده برهان ، ولا وجدان ـ كما في البدائع ـ نعم ؛ لا بد أن لا يكون الملازم محكوما بحكم فعلي يوجب عجز المكلف عن امتثال أمر الملازم الآخر ، كالاستقبال ، فإن ملازمه ـ كالاستدبار في بعض الأقطار ـ يمتنع أن يكون محرما ، لكونه سالبا للقدرة على إطاعة أمر الاستقبال ومعجّزا للعبد عن امتثاله. كما في «منتهى الدراية ، ج ٢ ، ص ٤٥٥».
فالمتحصل : أن مبنى اعتبار وحدة المتلازمين وجودا في الحكم ممنوع جدا ، إذ لا دليل على لزوم اشتراكهما في الحكم ، كما عن الكعبي القائل بلزوم اتحادهما فيه.
(١) إشارة إلى توهم بتقريب : إن عدم الصلاة لا يخلو عن ثلاثة أحوال : ١ ـ الوجوب. ٢ ـ غير الوجوب. ٣ ـ أن لا يكون له حكم أصلا.
ثم الأول : هو المطلوب ، والثالث : كالثاني غير صحيح ؛ إذ على الثالث : يلزم خلو الواقعة عن الحكم وهو باطل ، والثاني : مستلزم لاختلاف المتلازمين في الحكم وهو باطل.
فالصحيح : هو الأول ؛ أي : وجوب عدم الصلاة المستلزم لحرمة فعلها ، وكونه منهيا عنه.
وحاصل الجواب : هو الالتزام بالثالث ، والقول بخلو الواقعة أي : عدم الصلاة عن الحكم الفعلي دون الحكم الواقعي الإنشائي ، وليس خلو الواقعة عن الحكم الظاهري الفعلي باطلا ولا مستحيلا ، فعدم الصلاة ـ مثلا ـ الملازم لوجود الواجب ـ كالإزالة ـ لا يخلو عن حكم واقعي إنشائي كالحرمة مثلا ؛ إلّا إنه لا يصير فعليا لملازمته مع وجود واجب ، فلا يلزم من نفي فعلية الحكم الملازم نفي الحكم الإنشائي ، حتى يلزم محذور خلو الواقع عن الحكم الواقعي ، فلا حرمة للضد من جهة التلازم ، فالأمر بأحد الضدين