الطلب ؛ لا مركبا من طلبين (١).
نعم ؛ (٢) في مقام تحديد تلك المرتبة وتعيينها ربما يقال : الوجوب يكون عبارة عن طلب الفعل مع المنع عن الترك ، ويتخيل منه : أنه يذكر له حدا ، فالمنع عن الترك ليس من أجزاء الوجوب ومقوماته ، بل من خواصه ولوازمه بمعنى : أنه لو التفت الآمر إلى الترك لما كان راضيا به لا محالة ، وكان يبغضه (٣) البتّة. ومن هنا (٤) انقدح : أنه لا
______________________________________________________
المنع من الترك ، لا إن للوجوب جنسا وفصلا ، حتى يكون مركبا ، وعليه : فليس المنع من الترك جزءا من مدلول الأمر حتى يقال باقتضاء الأمر بالشيء النهي عن الضد العام بمعنى الترك بالتضمن.
فدعوى الاقتضاء التضمني ساقطة من الأساس ؛ لابتنائها على تركب الوجوب الذي أنكره المصنف ، وقال ببساطته.
أما وجه بساطته ـ بناء على أنه إرادة نفسانية ـ فهو : كونه حينئذ من الأعراض التي هي من البسائط الخارجية.
وأما بناء على كونه أمرا اعتباريا عقلائيا ، منتزعا من الإنشاء بداعي البعث والتحريك فهو : كون الاعتباريات أشد بساطة من الأعراض ؛ إذ ليس لها جنس وفصل عقلي أيضا بخلاف الأعراض.
(١) أي : ليس الوجوب مركبا من طلبين : أحدهما : طلب الفعل ، والآخر : طلب عدم تركه ، حتى تصح دعوى الاقتضاء التضمني المذكور ، كما في «منتهى الدراية ، ج ٢ ، ص ٤٦٠».
(٢) هذا استدراك على البساطة ، ودفع لتوهم التنافي بين الالتزام ببساطة الوجوب ، وتحديدهم : بأنه عبارة عن طلب الفعل مع المنع من الترك ؛ لأن التحديد المذكور ظاهر في التركّب.
وحاصل الدفع : أن التحديد المزبور ليس حقيقيا حتى ينافي ما التزم به من البساطة ، بل غرضهم من التحديد المزبور تعريف تلك المرتبة الأكيدة من الطلب ؛ المسماة بالوجوب بلوازمها وخواصها التي منها المنع من الترك. وهذا التحديد أوجب توهم التركب ، وكون المنع من الترك جزءا مقوما للوجوب ، وفصلا منوعا للطلب ، وليس الأمر كما توهم ؛ إذ يلزم حينئذ قيام الوجوب بالوجود والعدم وهو باطل ؛ بداهة : قيامه بالوجود فقط.
(٣) أي : يبغض الترك ، وهذا كاشف عن رضا الآمر به.
(٤) أي : مما ذكرنا : من أن الوجوب بسيط ، ولازمه المنع من الترك ؛ ظهر : أنه لا وجه لدعوى العينية أي : كون الأمر بالشيء عين النهي عن ضده العام ، فقوله : «ومن هنا