فلولاه لما كان متوجها إليه إلّا الطلب بالأهم ، ولا برهان على امتناع الاجتماع إذا كان بسوء الاختيار.
فإنه يقال : (١) استحالة طلب الضدين ليس إلّا لأجل استحالة طلب المحال ، واستحالة طلبه من الحكيم الملتفت إلى محاليته لا تختص بحال دون حال وإلا (٢)
______________________________________________________
المشهور من : أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار. هذا بخلاف الامتناع بالذات كاجتماع الضدين.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول : إننا نسلم لزوم طلب الضدين في مرتبة المهم ؛ لكنه غير مستحيل إذا كان اجتماع الطلبين بسوء اختيار المكلف ـ كما في المقام ـ فإن المكلف لما خالف أمر الأهم وعصى اختيارا وألقى نفسه في مورد اجتماع الطلبين الفعليين في آن واحد توجه إليه التكليف بالضدين في آن واحد ، فهذا التكليف ـ وإن كان ممتنعا ـ إلّا إن امتناعه يكون ناشئا عن سوء الاختيار ، فلا مانع منه لعدم برهان على استحالته ؛ لأن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ، واجتماع الأمر بالضدين يكون محالا إذا كان المولى يطلب الضدين في زمان واحد من عبده.
فالمتحصل : أن اجتماع الطلبين إذا كان ناشئا عن سوء اختيار المكلف فلا محذور فيه ، والمقام من هذا القبيل ، فالترتب صحيح لا غبار عليه.
(١) هذا دفع للإشكال وإثبات لاستحالة طلب الضدين مطلقا أي : بلا فرق بين ما إذا كان بسوء الاختيار ، وبين ما لم يكن كذلك ، ولازمه : استحالة الترتب.
توضيحه ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٢ ، ص ٤٧٤» ـ : أن منشأ الاستحالة ـ وهو كون المطلوب محالا ـ موجود في كلتا صورتي الاختيار وعدمه ، فإن طلب الجمع بين الضدين قبيح على الحكيم لكونه طلبا للمحال ، حيث إن الجمع بين الضدين ـ كالجمع بين النقيضين ـ محال ، بل مرجع طلب الضدين إلى طلب الجمع بين النقيضين ؛ لأن طلب كل واحد من الضدين يلازم عدم طلب الضد الآخر ، فطلب الإزالة مثلا يلازم عدم طلب الصلاة لما مرّ سابقا : من أن المزاحمة لو لم توجب النهي عن الضدّ فلا أقلّ من اقتضائها عدم الأمر به ، وكذا طلب الصلاة يلازم عدم طلب الإزالة ، ولازم ذلك : مطلوبية وجود الإزالة وعدمها ووجود الصلاة وعدمها ، وليس هذا إلّا طلب الجمع بين النقيضين ، واستحالة هذا الطلب لا تختص بحال دون حال ؛ بل هي ثابتة في كل حال من الاختيار وعدمه.
(٢) أي : وإن اختصت الاستحالة بغير حال الاختيار ، وكان التعليق على سوء الاختيار مصححا لطلب الضدين ، لزم أيضا صحة تعليق طلب الضدين على فعل