لصح فيما علق على أمر اختياري في عرض واحد ، بلا حاجة في تصحيحه إلى الترتب ، مع إنه محال بلا ريب ولا إشكال.
إن قلت : فرق بين الاجتماع في عرض واحد والاجتماع كذلك (١) ، فإن الطلب
______________________________________________________
اختياري غير عصيان الأمر بالأهم ؛ كأن يقول : «إذا شتمت مؤمنا فصلّ وأزل في آن واحد» ، مع وضوح قبح هذا التكليف ، وأن تعليقه على فعل اختياري لا يرفع قبحه. فيكون محالا على الحكيم كما أشار إليه بقوله : «مع إنه محال بلا ريب ولا إشكال» أي : مع إن تعليق طلب الضدين في عرض واحد على أمر اختياري غير عصيان الأهم محال بلا ريب.
بقي الكلام فيما هو المشهور من : أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار فنقول : إنّ معناه : أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا ؛ بمعنى : أن المكلف في صورة تنجز التكليف عليه لو صيره محالا على نفسه لا يسقط عنه العقاب على مخالفة ذلك التكليف ، وليس معناه : أن كون الشيء : مقدورا للمكلف في زمان يصحح أمر المولى به وإن أصبح محالا بسوء اختياره.
(١) أي : على نحو الترتب. أي : قوله : «إن قلت : فرق ...» إلخ. هو الوجه الثالث من الوجوه التي استدل بها لتصحيح طلب الضدين بنحو الترتب. الوجه الأول : ما أشار إليه بقوله : «بدعوى : إنه لا مانع». والوجه الثاني : ما أشار إليه بقوله : «لا يقال : نعم». وحاصل هذا الوجه الثالث : هو الفرق بين مثل : «إذا ضربت زيدا فقم واقعد» ، وبين اجتماع الطلبين بنحو الترتب فيستحيل الأول دون الثاني.
وملخص الفرق بينهما : هو استحالة طلب الضدين معا ، وذلك لمطاردة طلب كل منهما لطلب الآخر ، هذا بخلاف ما إذا كان طلبهما بنحو الترتب ، المبحوث عنه في المقام ؛ فإن كلا من الضدين حينئذ لا يطارد الآخر ؛ لأن طلب المهم منوط بعصيان أمر الأهم ، فمقتضى الترتب : وقوع مطلوبية كلّ من الضدين في طول مطلوبية الآخر ، وامتناع وقوعهما معا على صفة المطلوبية عرضا ، فلو فرض محالا إيجادهما معا لا يتصف بالمطلوبية إلّا خصوص الأهم ؛ لأن مطلوبية المهم موقوفة على عصيان الأمر الأهم ، والمفروض : امتثاله.
قوله : «فإن الطلب في كل منهما» بيان للفرق بين الاجتماع بنحو العرضية ، والاجتماع بنحو الترتب والطولية.
قوله : «فلا يكاد يريد غيره» أي : غير الأهم يعني : لا يريد المهم على فرض الإتيان بالأهم.