فصل
لا يجوز أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه ، خلافا لما نسب إلى أكثر مخالفينا ،
______________________________________________________
في أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه
وقبل الدخول في البحث ينبغي بيان ما هو محل الكلام في المقام توضيح ذلك يتوقف على تقديم أمور :
١ ـ المراد بالجواز في عنوان البحث هو : الجواز بمعنى الإمكان ؛ لا الجواز بمعنى الإباحة والترخيص.
٢ ـ المراد بالإمكان هو : الإمكان الوقوعي في مقابل الامتناع الوقوعي لا الإمكان الذاتي في مقابل الامتناع بالذات.
والفرق بينهما كالشمس في رابعة النهار ؛ وهو : أن الإمكان الوقوعي يرجع إلى عدم استلزام وجود الشيء للمحال ؛ بحيث لا يترتب على وجوده محذور من لزوم خلف أو دور أو نحو ذلك.
والإمكان الذاتي يرجع إلى كون الشيء في حد نفسه ممكن غير ممتنع الوجود ، فالإمكان الوقوعي ما لا يستلزم المحال ، والإمكان الذاتي ما ليس بمحال في نفسه ، والمقصود هو الإمكان الوقوعي دون الذاتي ، إذ لم يقل أحد بعدم الإمكان الذاتي ، يعني : كون الأمر مع العلم بانتفاء الشرط في نفسه محالا كاجتماع النقيضين.
٣ ـ المراد بالشرط : هو شرط الأمر ـ الوجوب ـ لا شرط المأمور به ـ الواجب ـ الشاهد على ذلك : قول المصنف «نعم ؛ لو كان المراد من لفظ الأمر ، الأمر ببعض مراتبه ، ومن الضمير الراجع إليه بعض مراتبه الأخرى».
نعم ؛ يظهر من المحقق العراقي ، وصاحب المعالم : أن المراد بالشرط : شرط وجود المأمور به. «نهاية الأفكار ج ١ ـ ٢ ، ص ٣٧٨» ، «معالم الدين ، ص ٢٢٢».
ثم المراد من شرط الأمر ليس مطلق شرط الوجوب ؛ كالوقت بالنسبة إلى الصلاة ، بل هو خصوص القدرة والتمكن من المأمور به. يعني : هل يجوز أمر الآمر مع علمه بانتفاء قدرة المكلف على الفعل أم لا؟