أما الأول (١) : فكون أحدهما شرطا له ليس إلّا إن للحاظه دخلا في تكليف الآمر
______________________________________________________
تقدّم الشرط على المشروط ، أو تأخره عنه ؛ سواء كان شرطا للتكليف ، أو للوضع ، أو للمأمور به.
أما الأول : ـ شرط التكليف ـ فلا يلزم تقدم الشرط على المشروط ولا تأخره عنه ؛ في مثل ما إذا قال المولى : إن جاءك زيد يوم الخميس فيجب عليك إطعامه في يوم الجمعة ، أو قال : إن سافرت يوم الاثنين فتصدق بدينار قبله بيوم ، فالشرط في المثال الأول ليس هو نفس المجيء السابق ، وكذا في المثال الثاني ، ليس هو نفس السفر اللاحق ؛ حتى يقال : بلزوم تقدم الشرط في المثال الأول ، وتأخره في المثال الثاني ، بل الشرط هو لحاظ المجيء وتصوره في المثال الاول ، ولحاظ السفر وتصوره في المثال الثاني.
ومن البديهي : أن اللحاظ ، والتصور مقارن للتكليف ؛ أي : إيجاب الإطعام في المثال الأول ، وإيجاب التصدق في المثال الثاني.
هذا معنى ما سبق في المقدمة من أن الشرط هو : ما كان بوجوده العلمي شرطا ، فالشرط هو : لحاظه وتصوره لا وجوده العيني كما هو ظاهر إطلاق الشرط في سائر الموارد.
والوجه والدليل على ذلك : أن كل فعل اختياري ـ ومنه التكليف ـ معلول للإرادة التي لا تتعلق بوجود شيء إلّا لمصلحة موجبة لترجيح وجوده على عدمه ، وتلك المصلحة تارة : تقوم بذات الشيء فقط ، وأخرى : به مضافا إلى غيره المقارن له ، أو المتقدم عليه ، أو المتأخر عنه ، فلأجل دخل ذلك الغير في المصلحة الموجبة لترجيح الوجود على العدم يلاحظه المكلف ـ بالكسر ـ سواء كان ذلك الغير مقارنا ، أو مقدما ، أو مؤخرا ، ومن المعلوم : أن التصور مقارن للتكليف ، وإنما المتقدم أو المتأخر هو : وجود الملحوظ خارجا لا نفس اللحاظ المفروض كونه شرطا ، فلا تنخرم القاعدة العقلية وهي : استحالة انفكاك الأثر عن المؤثر ، وتأثير المعدوم في الوجود ، أو انفكاك العلة عن المعلول.
فالمتحصل من الجميع هو : أن الشرط هو اللحاظ لا الوجود الخارجي ، وانخرام القاعدة العقلية إنما يلزم فيما إذا كان الشرط هو الثاني دون الأول ؛ لوضوح : كون اللحاظ من الشرط المقارن ، لا من الشرط المتقدم أو المتأخر.
(١) المراد بالأول : هو شرط الحكم تكليفيا كان أو وضعيا ، فحينئذ المراد بالثاني : هو شرط المأمور به ، وبعبارة واضحة : أن المراد بالأول هو : شرط التكليف والوضع ، «فكون أحدهما» أي : المتقدم أو المتأخر «شرطا له» أي : للتكليف «ليس إلّا إن للحاظه دخلا في تكليف الآمر» أي : أن الشرط هو لحاظ الشرط المتقدم أو المتأخر ؛ لا الوجود الخارجي ،