فصل
إذا تعلق الأمر بأحد الشيئين أو الأشياء ، ففي وجوب كل واحد على التخيير ، بمعنى : عدم جواز تركه إلّا إلى بدل ، أو وجوب الواحد لا بعينه ، أو وجوب كل منهما مع السقوط بفعل أحدهما ، أو وجوب المعيّن عند الله ، أقوال (١).
والتحقيق أن يقال : إنه إن كان الأمر باحد الشيئين بملاك أنه هناك غرض واحد
______________________________________________________
في الوجوب التخييري
(١) الأقوال التي أشار إليها المصنف أربعة :
وقبل الخوض في البحث ينبغي بيان أمور :
الأول : بيان محل النزاع : وتوضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي :
أولا : الفرق بين الوجوب التعييني والتخييري.
وثانيا : الفرق بين التخيير الشرعي والعقلي.
أما الفرق بين الوجوب التعييني والتخييري : فإن الواجب التعييني هو الذي يجب معيّنا ، فلا بدّ من الإتيان لشخصه لا به أو بدله ؛ كصوم شهر رمضان.
والواجب التخييري : هو الذي يجب هو أو بدله ، فيجب على المكلف الإتيان بأحدهما أو أحدها نحو : كفارة الإفطار في شهر رمضان المخيرة بين العتق والصيام والإطعام.
وأما الفرق بين التخيير الشرعي والعقلي : فحاصله : أن التخيير الشرعي هو الذي أمر الشارع بكل واحد من شيئين أو أشياء ؛ بحيث لا يكون بينهما أو بينها جامع كقوله : إذا أفطرت صوم شهر رمضان متعمدا «فأعتق رقبة ، أو صم شهرين ، أو أطعم ستين مسكينا».
وأما التخيير العقلي فهو : ما إذا كان هناك جامع واحد متعلق لغرض المولى فيأمر بذلك الجامع كقوله : «أعتق رقبة» ، ثم يحكم العقل بالتخيير بين أفراد رقبة.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن محل النزاع هو : الوجوب التخييري شرعا لا عقلا ، ولا الوجوب التعييني.