أحدهما لا بعينه مصداقا ولا مفهوما ، كما هو واضح ؛ إلّا إن يرجع إلى ما ذكرنا فيما إذا كان الأمر بأحدهما بالملاك الأول ، من أن الواجب هو الواحد الجامع بينهما ، ولا أحدهما معينا ، مع كون كل منهما مثل الآخر في أنه واف بالغرض ، (ولا كلّ واحد منهما تعيينا مع السقوط بفعل أحدهما ، بداهة : عدم السقوط مع إمكان استيفاء ما
______________________________________________________
ومنها : هو كون الواجب أحدهما لا بعينه ؛ مصداقا أو مفهوما. يقول المصنف في تزييف هذا القول : «لا وجه للقول بكون الواجب هو أحدهما لا بعينه مصداقا أو مفهوما».
أما الأول : ـ وهو أحدهما لا بعينه مصداقا ـ فمردود بوجوه :
الأول : أنه خلاف ظاهر الدليل الدال على تعدد الواجب ، لأنّ الكلام فيما ورد الأمر بنحو الترديد.
الثاني : أن تعدد الغرض كاشف عن تعدد الواجب.
الثالث : امتناع أن يكون الواجب مصداق أحدهما لا بعينه ؛ إذ لا وجود له بداهة : أن الفرد الخارجي دائما يكون معينا لا مرددا نظرا إلى قاعدة «الشيء ما لم يتشخص لم يوجد» فلا يصح جعل مصداق «الواحد لا بعينه» موضوعا للغرض الداعي إلى الطلب والبعث ؛ لأن المردد بما هو مردد لا وجود له حتى يكون مصداقا للواحد بعينه.
وأما الثاني : ـ وهو أحدهما : لا بعينه مفهوما ـ فمردود.
أوّلا : أن المردد لا واقع له أصلا لا خارجا ولا مفهوما ، فإن كل ما يوجد في الذهن أو في الخارج لا تردد فيه ، فإذا لم يكن للمردد واقع امتنع أن يكون معروضا لغرض اعتباري أو حقيقي.
وثانيا : ما عرفت في الأول ؛ من أن تعدد الغرض كاشف عن تعدد الواجب.
وثالثا : أن هذا العنوان ليس من العناوين المقبّحة أو المحسّنة ، نعم ؛ يصح تعلّق بعض الصفات الحقيقية ذات الإضافة به كالعلم ، وأمّا الطلب : فلا ؛ لأنه لا يتعلق إلّا بما كان حسنا. وتركنا ما في الوجوه المذكورة من النقض والإبرام رعاية لاختصار الكلام في المقام ، قوله : «إلّا إن يرجع إلى ما ذكرنا» ... إلخ ، إشارة إلى توجيه القول بكون الواجب أحدهما لا بعينه ، بعد وضوح فساده ، وحاصل التوجيه : هو إرجاعه إلى ما ذكره المصنف من أن الواجب هو الجامع بينهما فيما إذا كان الملاك واحدا.
قوله : «ولا أحدهما معينا» معطوف على قوله : «أحدهما لا بعينه» يعني : لا وجه للقول بكون الواجب هو أحدهما المعين ؛ لأن إيجاب أحدهما معينا مع وفاء كل منهما