اختلفوا (١) في جواز اجتماع الأمر والنهي في واحد وامتناعه على أقوال ثالثها :
جوازه عقلا وامتناعه عرفا ، وقبل الخوض في المقصود يقدم أمور :
______________________________________________________
في اجتماع الأمر والنهي
(١) وقبل الخوض في البحث ينبغي بيان ما هو محل النزاع في مسألة اجتماع الأمر والنهي فنقول : إنه لا نزاع في امتناع الأمر والنهي في واحد بعنوان واحد مثل : «صلّ ولا تصلّ» وذلك لما عرفت من : أنّ مفاد الأمر هو : البعث نحو وجود الطبيعة المحبوبة ، ومفاد النهي هو : الزجر عن وجود الطبيعة المبغوضة.
ومن الواضح عند العقل والعقلاء : أنه يمتنع أن يصدر عن المولى الواحد بالنسبة إلى المكلف الواحد بعث وزجر حال كونهما متعلقين بطبيعة واحدة في زمان واحد ، وليس هذا من التكليف بالمحال الذي يجوّزه الاشعري ؛ بل من التكليف المحال.
وإنما النزاع في جواز اجتماعهما في واحد إذا كان ذا وجهين ، ومعنونا بعنوانين بأحدهما تعلق الأمر ، وبالآخر تعلق النهي ؛ كما في الصلاة في المغصوب فيما إذا خاطب الشارع المكلف بقوله : «صلّ ، ولا تغصب» ، فالمأمور به غير المنهي عنه ، والماهيتان مختلفتان ؛ غير إن المكلف بسوء اختياره جمعهما في مورد واحد ؛ على وجه يكون المورد مصداقا لعنوانين ، ومجمعا لهما. فيقع الكلام في جواز مثل هذا الاجتماع ؛ كما إذا صلى في الدار المغصوبة ، فيبحث عن جواز اجتماع الأمر والنهي في هذه الحالة.
فعلى القول بالجواز : يكون العمل محكوما بحكمين ؛ لتعدد المجمع ، وكونه موجودا بوجودين ، والتركيب بين متعلقي الأمر والنهي يكون انضماميا ، وتعدد العنوان يوجب تعدد المعنون.
وعلى القول بالامتناع : يكون المجمع محكوما بحكم واحد ، وهو أهم الحكمين من الوجوب أو الحرمة ؛ لاتحاد المجمع ، وكونه موجودا بوجود واحد ، والتركيب بينهما يكون اتحاديا ، وتعدد العنوان لا يوجب تعدد المعنون.
وقد يبدو مما ذكر : أن مقتضى التحقيق أن يكون النزاع في المسألة صغرويا وهو أصل