الثالث (١) : أنه حيث كانت نتيجة هذه المسألة مما تقع في طريق الاستنباط كانت
______________________________________________________
(١) الغرض من عقد هذا الأمر هو : إثبات كون مسألة الاجتماع من المسائل الأصولية ، وأن ذكرها في علم الأصول ليس استطراديا.
توضيح كون هذه المسألة أصولية يتوقف على مقدمة وهي : أن الضابط في كون المسألة أصولية : أن تقع نتيجتها في طريق استنباط الحكم الفرعي ؛ ولو باعتبار أحد طرفيها من دون ضم كبرى مسألة أخرى.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن نتيجة هذه المسألة تقع في طريق الاستنباط على كلا القولين ؛ أعني : جواز الاجتماع وامتناعه.
بيان ذلك : أنه إذا قلنا : بجواز الاجتماع عقلا فيستنبط : صحة الصلاة في الدار المغصوبة ، ويستنبط : عدم وجوب اعادتها ثانيا ، وإذا قلنا : بالامتناع فيستنبط منه : فساد الصلاة فيها ، ووجوب إعادتها ثانيا.
فالمتحصل : أن نتيجة هذه المسألة تقع في طريق استنباط الحكم الفرعي ، كما عرفت فلا وجه لجعلها من المسائل الكلامية أو الفقهية ، أو من المبادئ الأحكامية ، أو من المبادئ التصديقية ؛ «وإن كان فيها جهاتها» أي : وإن كان في مسألة الاجتماع جهات تلك المسائل.
أما كونها من المسائل الكلامية : فلأن البحث في علم الكلام يكون عن أحوال المبدأ والمعاد ، والمسائل الكلامية مسائل عقلية ، ومن الظاهر : أن البحث في هذه المسألة عن استحالة اجتماع الأمر والنهي وإمكانه يكون عقليا ، فيناسب المسائل الكلامية. هذا أولا.
وثانيا : أن النزاع في هذه المسألة يكون عن فعله «عزوجل» وأنه هل يجوز للحكيم تعالى أن يأمر بشيء لجهة وينهى عنه لجهة أخرى ، أم لا يجوز عليه سبحانه؟ فيكون البحث عن أحوال المبدأ ، وعما يصح أو يمتنع على الله تعالى ، فهذه المسألة من المسائل الكلامية ؛ لأن المسألة الكلامية هي التي يبحث فيها عن أحوال المبدأ والمعاد ، وما يصح أو يمتنع على الله تعالى.
أما كونها من المسائل الفقهية : فلأن البحث فيها : عن عوارض فعل المكلف وهي : صحة الصلاة في المكان المغصوب ، وفسادها فيه ، فينطبق ضابط المسائل الفقهية عليها ، لأن البحث في علم الفقه إنما هو عن عوارض أفعال المكلف.
وأما كونها من المبادئ الأحكامية ـ وهي ما يكون البحث فيه عن حال الحكم ؛ كالبحث عن أن وجوب شيء هل يستلزم وجوب مقدمته أو حرمة ضده أم لا؟ ـ : فلأن