للنزاع في جواز الاجتماع والامتناع فيها بما إذا كان الإيجاب والتحريم باللفظ ، كما ربما يوهمه (١) التعبير بالأمر والنهي الظاهرين في الطلب بالقول ؛ إلّا أنه لكون الدلالة عليهما غالبا بهما ، كما هو أوضح من أن يخفى.
______________________________________________________
والاجتماع. وعلى الثاني : يحكم بإمكان اجتماعهما فيه ؛ لتعدد المجمع في مورد التصادق والاجتماع. ومن الواضح : أن الحاكم باستحالة الاجتماع أو بإمكانه هو العقل ، فالمسألة عقلية ، ولا ترتبط بعالم اللفظ أصلا.
(١) أي : يوهم اختصاص النزاع باللفظ : «التعبير بالأمر والنهي الظاهرين في الطلب بالقول :»
وقد استدل لتوهم كون المسألة لفظية بوجهين :
الأول : تعبير الأصوليين في المقام بلفظ الأمر والنهي الظاهرين في الطلب بالقول وهما : يدلان على الوجوب والحرمة ، بمعنى : أن الوجوب مدلول للفظ صيغة الأمر ، والحرمة مدلول للفظ صيغة النهي ، فهذه المسألة بهذا الاعتبار لفظية ؛ إذ الوجوب والحرمة مدلولان للفظ الأمر والنهي.
الثاني : تفصيل بعض الأعلام في هذه المسألة بين العقل والعرف حيث قال : بالجواز عقلا ، وبالامتناع عرفا ، ومن المعلوم : أن العرف إنما يحكم بالامتناع بعد إلقاء لفظ الأمر والنهي عليه ، فالامتناع العرفي مما يدل عليه اللفظ بواسطة الملازمة العرفية ، بين دلالة لفظ كل من الأمر والنهي على الوجوب والحرمة بالمطابقة ، وبين دلالة كل منهما على نفي الوجوب والحرمة بالالتزام ، ولازم ذلك : امتناع اجتماع الحكمين في المجمع ، فمرجع الامتناع العرفي إلى دلالة اللفظ.
هذا بخلاف الحكم بالجواز عقلا ؛ لأن المراد بالجواز العقلي : حكمه بالجواز لكون العنوانين موجبين لتعدد الموضوع ، ولا ملازمة عنده بين وجوب أحدهما ، وعدم حرمة الآخر.
والمتحصل : أن التفصيل بالجواز عقلا ، والامتناع عرفا بمعنى : أن اللفظ يدل عرفا على الامتناع ، وهذه الدلالة تكشف عن كون النزاع في دلالة الأمر والنهي على الجواز وعدمه ، وهما ظاهران في الطلب بالقول ، فتكون المسألة لفظية ؛ إذ لو كانت عقلية محضة لم يكن وجه للامتناع العرفي ؛ الذي مرجعه إلى ظهور اللفظ في الامتناع.
وقد أجاب المصنف عن كلا الوجهين.
وحاصل ما أفاده في الجواب عن الوجه الأول هو : أن تعبيرهم بلفظ الأمر والنهي في العنوان ؛ إنما يكون لأجل استفادة الوجوب والحرمة غالبا من لفظ الأمر والنهي ، ولا