مثلا : إذا أمر بالصلاة والصوم تخييرا بينهما ، وكذلك نهي عن التصرف في الدار والمجالسة مع الأغيار ، فصلى فيها مع مجالستهم ؛ كان حال الصلاة فيها. حالها ، كما أمر بها تعيينا ، ونهي عن التصرف فيها ، كذلك في جريان النزاع في الجواز والامتناع ، ومجيء أدلة الطرفين ، وما وقع من النقض والإبرام في البين ، فتفطن.
السادس : (١) أنه ربما يؤخذ في محل النزاع قيد المندوحة في مقام الامتثال ، بل ربما قيل : بأن الإطلاق إنما هو للاتكال على الوضوح ، إذ بدونها يلزم التكليف بالمحال.
______________________________________________________
الواجب والحرام التعيينيين في جريان النزاع ؛ كالأمر بالصلاة تعيينا ، والنهي عنها في الدار المغصوبة كذلك ، كما أشار إليه بقوله : «كان حال الصلاة فيها حالها ؛ كما إذا أمر بها تعيينا ، ونهي عن التصرف فيها كذلك» ؛ يعني : حال كون الصلاة واجبة بالوجوب التخييري ؛ كحال كونها واجبة بالوجوب التعييني في جريان النزاع.
والمتحصل : أنه يجري النزاع في جواز اجتماع الأمر والنهي في واحد ذي وجهين وامتناعه فيه في الواجب والحرام التخييريين أيضا ، وتجيء أدلة المجوزين والمانعين في هذا المورد ، ويجيء النقض والإبرام هنا ، فتفطن ولا تغفل ، إذ لا وجه لاختصاص النزاع بالواجب النفسي العيني ؛ بل يجري في التعييني أيضا.
في اعتبار المندوحة في محل النزاع
(١) الغرض من عقد هذا الأمر هو : التنبيه على ما ذكره بعض من : اعتبار قيد المندوحة في محل النزاع.
توضيح اعتبار قيد المندوحة : يتوقف على مقدمة وهي : أن المندوحة هي : كون المكلف في سعة وفسحة ؛ بأن يكون له مفرّ وطريق لامتثال الصلاة في غير الدار المغصوبة ؛ بأن لم يكن المكان منحصرا في الغصب ، بأن كان له مكان مباح يتمكن من الصلاة فيه ؛ في مقابل من لا يتمكن من الإتيان بها إلّا في الغصب هذا أولا.
وثانيا : أن الخلاف في جواز الاجتماع وعدمه يختص بصورة قدرة المكلف على موافقة الأمر والنهي ؛ بأن يتمكن من فعل الصلاة في غير المكان المغصوب ، وذلك لأن القدرة من الشرائط العامة لا بد منها في التكاليف الشرعية.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه قد يتوهم اعتبار قيد المندوحة بالمعنى المذكور في محل النزاع ؛ إذ مع عدم المندوحة في مقام الامتثال لا إشكال في الامتناع ، ولا خلاف أصلا ، فلا بدّ من القول بالامتناع ؛ لئلا يلزم التكليف بالمحال ، لأن الأمر بالصلاة بدون المندوحة تكليف بما لا يقدر المكلف على امتثاله ؛ لعدم تمكنه من الصلاة الصحيحة مع