والتخيير ، وإلّا فلا تعارض في البين ، بل كان من باب التزاحم بين المقتضيين ، فربما كان الترجيح مع ما هو أضعف دليلا ؛ لكونه أقوى مناطا ، فلا مجال حينئذ (١) لملاحظة مرجحات الروايات أصلا (٢) ، بل لا بد من مرجحات المقتضيات المتزاحمات ، كما يأتي الإشارة إليها.
نعم ؛ (٣) لو كان كل منهما متكفلا للحكم الفعلي ، لوقع بينهما التعارض ، فلا بدّ
______________________________________________________
واقعين ، وهما التزاحم والتعارض ، وأن معالجة الأول في مرحلة الإثبات تكون بشيء ، ومعالجة الثاني بشيء آخر.
وأما الأمر التاسع : فهو متكفل بطريق إثبات كل من الواقعين ، وأن إثباتهما بأي : شيء يكون ليعالج بعلاجه.
قوله : «وإلّا فلا تعارض في البين» يعني : وإن لم يحرز أن المناط من قبيل الثاني ؛ لاحتمال كونه من قبيل الأول ـ وهو وجود المناط في كلّ من الحكمين حتى في مورد الاجتماع ، فلا تعارض بينهما ؛ لاحتمال صدقهما معا ، وعدم العلم الإجمالي بكذب أحدهما ؛ لأن التعارض فرع العلم بكذب أحدهما.
قوله : «بل كان من باب التزاحم بين المقتضيين» استدراك على عدم التعارض بتقريب : أنه إذا لم يحرز من الخارج ـ كإجماع أو غيره ـ أن المورد من قبيل وجود المناط في كليهما أو أحدهما ؛ فلا يعامل مع الدليلين معاملة التعارض ، بل لا بدّ من الحكم بكونه من الأول وهو وجود المناط في كلا العنوانين.
والوجه في ذلك : أن مقتضى حجية الروايتين معا : حكايتهما عن وجود المناط في كليهما ؛ لكشف الحكمين اللذين هما مدلولا الروايتين المعتبرتين عن مناطين فيقع التزاحم بينهما لا محالة بناء على الامتناع ، كما في «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ٤٥».
(١) أي : حين احتمال وجود المناط في كلا المتعلقين ؛ وذلك لاختصاص أدلة مرجحات الروايات بباب التعارض ، وعدم شمولها لباب التزاحم.
(٢) يعني : لا المرجحات السندية ولا الدلالية ، بل لا بدّ من إعمال مرجحات باب التزاحم الراجعة إلى الترجيح الملاكي ؛ «كما يأتي الإشارة إليها» أي : إلى مرجحات المقتضيات في التنبيه الثاني من تنبيهات اجتماع الأمر والنهي.
(٣) استدراك على ما ذكره من إعمال مرجحات التزاحم ، وحاصله : ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ٤٥» ـ أنه قد يعامل مع المتزاحمين معاملة التعارض ، وهو فيما إذا كانت الروايتان ظاهرتين في الحكم الفعلي مطلقا حتى في حال الاجتماع ؛ فإنه بناء