من ملاحظة مرجحات باب المعارضة ؛ لو لم يوفق بينهما بحمل أحدهما على الحكم الاقتضائي ؛ بملاحظة (١) مرجحات باب المزاحمة. فتفطن.
______________________________________________________
على الامتناع يمتنع فعلية الحكمين على طبق مناطيهما ، فلا بدّ من فعلية أحدهما في مورد الاجتماع ؛ للعلم الإجمالي بكذب أحدهما الموجب لتعارض الدليلين ، فيجري عليهما حكم التعارض إن لم يمكن الجمع الدلالي بينهما ؛ إذ مع امكانه ينتفي موضوع التعارض ، فلا مجال لإجراء أحكامه ، كما قرر في محله.
ففي المقام إذا أحرزت أهمية أحد المناطين : كانت في قرينة على حمل الحكم الآخر على الاقتضائي ، وصالحة لصرف الدليل الآخر عن ظهوره في الحكم الفعلي إلى الاقتضائي.
فالمتحصل : أن الخبرين الواجدين للمناط ؛ وإن كانا من المتزاحمين ؛ لكنه قد يعامل معهما معاملة التعارض إذا كانا متكفلين للحكم الفعلي ، فإنه ـ بناء على الامتناع ـ يعلم إجمالا بكذب أحدهما ، فيجري عليهما أحكام التعارض بشرط عدم إمكان الجمع العرفي بينهما ولو بقرينة الأهمية التي هي من مرجحات باب التزاحم.
هذا ما أشار إليه بقوله : «لو لم يوفق بينهما ...» إلخ يعني : أن التعارض مشروط بعدم إمكان التوفيق العرفي بين الدليلين ؛ إذ معه ينتفي موضوع التعارض.
(١) متعلق ب «حمل» ؛ يعني : أن الحمل على الاقتضائي يكون بملاحظة مرجحات باب المزاحمة ، ويجوز تعلقه ب «يوفق» ؛ يعني : لو لم يوفق بين الدليلين بملاحظة ... إلخ.
ثم الوجه في الجمع بينهما بحمل أحدهما على الاقتضائي هو : أن المقتضي فيه أضعف من الآخر ، فاختلاف المقتضي يكشف عن اختلاف الحكم. «فتفطن» حتى لا يشتبه عليك الأمر ، وتجري أحكام التعارض على الروايتين الدالتين على الحكمين مطلقا ـ بناء على الامتناع ـ وذلك لاختصاص معاملة التعارض بما إذا كان المناط في أحدهما ، إذ لو كان المناط في كليهما يعامل معهما معاملة التزاحم ؛ إلّا إذا كانتا حاكيتين عن الحكم الفعلي ، ولم يمكن الجمع العرفي بينهما بحمل أحدهما على الحكم الاقتضائي.
وفي «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ٤٧» ما هذا لفظه : «ويحتمل أن يكون قوله : «فتفطن» إشارة إلى : أن الجمع العرفي بين الدليلين منوط بأظهرية أحدهما من الآخر ، وأقوائية أحد المناطين لا توجب الأقوائية من حيث الظهور ، لكنه بعيد ؛ لأن مناط التوفيق العرفي ليس منحصرا بالأظهرية ، بل يكفي في ذلك صلاحية كون أحدهما قرينة على التصرف في الآخر ؛ لأظهرية ، أو قرينة لفظية ، أو عقلية ؛ كمناسبة الحكم للموضوع ، أو غيرها. ولو كان المناط الأظهرية فقط لكان ذو القرينة فيما إذا كان أظهر من القرينة ؛ كقوله : «رأيت أسدا يرمي» مقدما على ظهور القرينة ، وهو كما ترى خلاف ما جرت عليه سيرة أبناء