الاجتماع ، فلو كان هناك ما دل على ذلك ـ من إجماع أو غيره ـ فلا إشكال ، ولو لم يكن إلّا إطلاق دليلي الحكمين ، ففيه تفصيل وهو : أن الإطلاق لو كان في بيان الحكم الاقتضائي ، لكان دليلا على ثبوت المقتضي والمناط في مورد الاجتماع ، فيكون من هذا الباب ، ولو كان بصدد الحكم الفعلي : فلا إشكال في استكشاف ثبوت المقتضي في الحكمين على القول بالجواز ؛ إلّا إذا علم إجمالا بكذب أحد الدليلين ، فيعامل معهما معاملة المتعارضين.
وأما (١) على القول بالامتناع فالإطلاقان متنافيان ، من غير دلالة على ثبوت المقتضي للحكمين في مورد الاجتماع أصلا ؛ فإن (٢) انتفاء أحد المتنافيين كما يمكن أن
______________________________________________________
الجهة مجديا في تعدد المتعلق أم لا ، وذلك لدلالة الإطلاقين على ثبوت المقتضي في مورد الاجتماع.
وأما على الفرض الثاني : فيختلف الحكم ؛ بمعنى : أنه لا إشكال في استكشاف ثبوت المقتضي في الحكمين على القول بالجواز ، فيعامل مع الدليلين معاملة التزاحم ؛ لأن الحكاية عن فعلية الحكمين تستلزم الحكاية عن ثبوت مقتضيهما كما هو واضح ، إلّا إذا علم إجمالا بكذب أحد الدليلين في حكايته ؛ فيعامل معهما معاملة التعارض ؛ إذ المفروض : عدم المقتضى في المتعلقين معا حتى يندرجا في باب التزاحم. هذا تمام الكلام في الفرض الثاني على القول بالجواز.
وأما على الامتناع : فالإطلاقان متنافيان ؛ من دون أن تكون لهما دلالة على ثبوت مقتضى الحكمين في مورد الاجتماع ؛ وذلك لتنافي الإطلاقين ، فحينئذ يعامل معهما معاملة التعارض ؛ إلّا إن يجمع بينهما عرفا بحمل كل منهما على الحكم الاقتضائي إن كانا متساويين في الظهور ، وإلّا فيحمل خصوص الظاهر منهما على الحكم الاقتضائي ، والأظهر على الفعلي.
(١) معطوف على قوله : «على القول بالجواز» ؛ يعني على القول بالامتناع يمتنع صدق الدليلين معا على المجمع ؛ إذ المفروض حينئذ : تحقق التنافي بين الإطلاقين ، ومقتضى هذا التنافي جريان أحكام التعارض عليهما.
(٢) بيان لوجه عدم الدلالة مع تنافي الإطلاقين وحاصله : ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ٥٠» ـ أنه على القول بالامتناع يعلم إجمالا بكذب أحد الدليلين في دلالته على الحكم الفعلي ، لانتفائه في أحدهما ؛ كما هو مقتضى القول بالامتناع ، فحينئذ يمكن انتفاء مجرّد الفعلية مع وجود المناط في كل منهما ، ويمكن انتفاء المقتضي في أحدهما.