.................................................................................................
______________________________________________________
ومنها : ما عن بعض ـ أي : صاحب الفصول أيضا ـ من : أن الواجب المطلق ما لا يتوقف تعلقه بالمكلف على أمر غير حاصل ، ويقابله المشروط وهو : ما يتوقف تعلقه بالمكلف على أمر غير حاصل ؛ فيصح أن يقال : إذا استطعت يجب عليك الحج ، ولا يصح أن يقال : إذا توضأت تجب عليك الصلاة.
وأما تفصيل الكلام في الجهة الثانية : فإن حاصل ما أفاده المصنف «قدسسره» هو : أن هذه التعاريف لفظية ، وليست بحقيقية ؛ لأنها ليست مطّردة ولا منعكسة أي : ليست مانعة الأغيار ، ولا جامعة الأفراد.
أما عدم كونها مانعة الأغيار : فلانتقاض تعريف كل واحد منهما بالآخر ؛ وذلك أن وجوب الصلاة يتوقف على ما يتوقف عليه وجودها ، وكذلك وجوبها يتوقف على أمر زائد على الشرائط العامة مثل الوقت ؛ لأنه ما لم يتحقق الوقت لم يتحقق وجوبها ، ولا وجودها صحيحا.
والحال : أن الصلاة لا تخرج عن كونها واجبا مطلقا ؛ سواء تحقق الوقت أم لم يتحقق ، فينطبق تعريف الواجب المشروط على الصلاة بالإضافة إلى الوقت حسب التعريف الأول والثاني ، كما أنه ينطبق تعريف الواجب المطلق على الحج بالنسبة إلى قطع الطريق ، مع إن الصلاة لا تخرج عن كونها واجبا مطلقا ، والحج لا يخرج عن كونه واجبا مشروطا.
أما عدم كونها جامعة الأفراد ـ حسب التعريف الثاني ـ فلأن هذا التعريف للمشروط لا يشمل مثل الحج مما يتوقف وجوبه على ما لا يتوقف عليه وجوده ؛ ضرورة : أن وجود الحج لا يتوقف على الاستطاعة الشرعية ؛ لإمكان تحققه بدونها أي : مع الفقر ، فلا ينعكس حد المشروط ، إذ ليس جامعا للأفراد ، ولهذا يقول المصنف : إن التعريفات المذكورة تعريفات لفظية ؛ فلا مجال حينئذ للنقوض المذكورة في الكتب على تعريفات الواجب المطلق والمشروط ؛ لأنهم ليسوا بصدد تحديدهما حتى يرد النقض عليها طردا وعكسا ، وإنما هم كانوا في مقام شرح الاسم المقصود به معرفة المعنى في الجملة ؛ كتعريف سعدانة بأنها نبت.
ثم إطلاق المطلق على الواجب المطلق ، وإطلاق المشروط على الواجب المشروط إنما هو بما لهما من المعنى العرفي واللغوي ، وليس للأصوليين اصطلاح خاص فيهما ، كما أشار إليه بقوله : «والظاهر إنه ليس لهم اصطلاح جديد في لفظ المطلق