المكلف بحقيقته وواقعيته الصادرة عنه متعلقا للأحكام لا بعناوينه الطارئة عليه ، وإنّ غائلة اجتماع الضدين فيه لا تكاد ترتفع بكون الأحكام تتعلق بالطبائع لا الأفراد ، فإنّ غاية تقريبه أن يقال : إنّ الطبائع من حيث هي هي ، وإن كانت ليست إلّا هي ، ولا تتعلق بها الأحكام الشرعية ؛ كالآثار العادية والعقلية ، إلّا أنّها مقيدة بالوجود ، بحيث كان القيد خارجا والتقيّد داخلا صالحة لتعلق الأحكام بها ، ومتعلقا الأمر والنهي على هذا لا يكونان متحدين أصلا ، لا في مقام تعلّق البعث والزجر ، ولا في مقام عصيان النهي وإطاعة الأمر بإتيان المجمع بسوء الاختيار.
______________________________________________________
تقرير دليل الامتناع
وحاصل الكلام في تقرير دليل الامتناع : أن يقال : إن نتيجة المقدمات الأربع : هي أن المجمع كالصلاة في الدار المغصوبة يكون واحدا وجودا وذاتا ، فيكون تعلق الأمر والنهي به محالا ، ولو كان تعلقهما به بعنوانين. وذلك لما عرفت سابقا من كون فعل المكلف بحقيقته وواقعيته الصادرة عنه باختيار متعلقا للأحكام لا بعناوينه الطارئة عليه ، والحال أنك قد عرفت في المقدمة الأولى : تضادّ الأحكام الخمسة ، واستحالة اجتماع اثنين منها في شيء واحد ، لاستلزم ذلك اجتماع الضدين وإن كان تضادها في مرتبة الفعلية على ما عرفت.
وقد عرفت في المقدمة الثانية : أن متعلق الأحكام هو فعل المكلف وما يصدر عنه في الخارج لا ما هو اسمه وعنوانه الذي ينتزع من الفعل وقد علمت في المقدمة الثالثة : إن المعنون واحد ، وإن تعدد العنوان لا يوجب تعدد المعنون ، فقد ظهر من هذه المقدمات ظهورا واضحا : استحالة اجتماع الأمر والنهي في المجمع المعنون بعنوانين ، ومن هنا يظهر : عدم الحاجة إلى ذكر المقدمة الرابعة في استحالة اجتماع الأمر والنهي ، فيكون ذكرها في المقام لدفع التوهمين لصاحب الفصول.
نعم ؛ بقي في المقام توهم آخر قد أشار المصنف إلى دفعه بقوله : «وإن غائلة اجتماع الضدين فيه لا تكاد ترتفع بكون الأحكام تتعلق بالطبائع لا الأفراد».
وحاصل التوهم : أن محذور اجتماع الضدين في شيء يرتفع على القول بتعلق الأحكام بالطبائع دون الأفراد ، وهذا التوهم من أدلة الجواز استدل به المحقق القمي «قده».
وتوضيح ما أفاده المصنف في تقريب هذا التوهم يتوقف على مقدمة وهي : أنّ الطبائع والماهيات من حيث هي هي وإن كانت غير قابلة لأن تتعلق بها الأحكام