ثم إنه قد استدل (١) على الجواز بأمور :
منها : أنه لو لم يجز اجتماع الأمر والنهي ، لما وقع نظيره ، وقد وقع كما في
______________________________________________________
الفرد إنما تجدي في جواز الاجتماع إذا كان الفرد مقدمة للطبيعتين المأمور بها والمنهي عنها حتى يتعلق به الأمر والنهي معا بلحاظ فرديته لهما ، وليس الأمر كذلك ، لأن المجمع في مسألة الاجتماع ليس فردا لماهيتين حتى يتعدد ماهية ويصح تعلق الأمر والنهي به ؛ بل هو فرد لماهية واحدة كما عرفت في المقدمة الرابعة ، فيمتنع تعلقهما به لاستلزامه اجتماع الضدين لكون الفرد. وهو المجمع. واحدا وجودا وماهية.
٤. رأي المصنف «قدسسره» :
هو : امتناع اجتماع الأمر والنهي تبعا للمشهور.
في أدلة جواز الاجتماع
(١) يعني : قد استدل القائلون بالجواز. مضافا إلى الدليلين السابقين. بأمور : منها : ما أشار إليه بقوله : «أنه لو لم يجز اجتماع الأمر والنهي لما وقع نظيره». وتوضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن الدليل المزبور يرجح إلى القياس الاستثنائي ، والاستدلال به إنما يتم بعد ثبوت أمرين : أحدهما : الملازمة بين المقدم والتالي والآخر : بطلان التالي لينتج بطلان المقدم.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول في تقريب الاستدلال : إن الملازمة ثابتة إذ لو لم يكن الاجتماع جائزا لم يقع في الشريعة المقدسة ؛ لامتناع وقوع ما هو ممتنع ومستحيل كاجتماع الضدين أو النقيضين. وقد وقع الاجتماع في الشريعة.
ومن البديهي : أن وقوع شيء أقوى دليل على إمكانه ، فقيام الدليل على اجتماع حكمين. مع التضاد بين الأحكام الخمسة على ما عرفت في المقدمة الأولى. كاشف عن كون تعدد الجهة مجديا في الاجتماع ؛ وإلّا لما جاز الاجتماع للتضاد المزبور.
فرافع التضاد هو تعدد الجهة مطلقا ، سواء كان الحكمان المجتمعان هما الوجوب والحرمة أم الاستحباب والكراهة ، فحاصل الدليل : أن العبادات المكروهة مجمع على صحتها ، وقد جمع فيها الاستحباب والكراهة ، فلو لم يجدي تعدد الجهة لم يجتمعا ؛ لما عرفت من : تضاد الأحكام. هذا تمام الكلام في ثبوت الملازمة بين المقدم والتالي.
وأما بطلان التالي. وهو عدم وقوع الاجتماع. فأوضح من الشمس ، فينتج بطلان المقدم أعني : عدم جواز الاجتماع ، فالنتيجة هي : جواز الاجتماع ؛ لاستحالة ارتفاع النقيضين.