فالحري (١) أن يقال : إن الواجب مع كل شيء يلاحظ معه ، إن كان وجوبه غير مشروط به ، فهو مطلق بالإضافة إليه ، وإلّا فمشروط كذلك ، وإن كانا بالقياس إلى شيء آخر كانا بالعكس.
ثم الظاهر (٢) : أن الواجب المشروط كما أشرنا إليه ، أن نفس الوجوب فيه
______________________________________________________
(١) وقبل تفصيل البحث في الجهة الرابعة نذكر ما في «الوصول إلى كفاية الأصول ، ج ٢ ، ص ٤٢» من توضيح عبارة المتن : «فالحري أن يقال : إن الواجب مع كل شيء يلاحظ معه» أي : أن الواجب مع كل شيء من مقدماته الذي يلاحظ الواجب معه «إن كان وجوبه غير مشروط به» ؛ بأن كان المولى يريد الواجب على كل حال «فهو مطلق بالإضافة إليه» أي : إلى ذلك الشيء ؛ أعني : المقدمة ، «وإلا» أي : وإن لم يكن كذلك ـ بأن كان وجوب الواجب بشرط وجود تلك المقدمة ـ «فمشروط كذلك» أي : بالإضافة إلى تلك المقدمة ، وإن كان كل من الواجبين المطلق بالإضافة والمشروط بالإضافة «بالقياس إلى شيء آخر» من المقدمات «بالعكس».
فالمطلق مشروط ، والمشروط مطلق ، فالصلاة بالإضافة إلى الطهارة واجب مطلق ، والحج بالإضافة إلى الزاد مشروط ، وإن كانت الصلاة بالإضافة إلى شيء آخر كالوقت مشروطا ، والحج بالإضافة إلى شيء آخر كالسير مطلقا.
(٢) هذا الكلام من المصنف توطئة لبيان النزاع بين الشيخ الأنصاري ، وبين غيره من الأعلام ـ والمصنف منهم ـ وتوضيح ذلك يتوقف على مقدمة : وهي : أن للأمر مثلا هيئة تفيد الوجوب ، ومادة هي متعلق الوجوب ، فإذا قيد الأمر بقيد كان حتما ظرف الفعل في زمان حصول ذلك الشرط.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن مبنى الشيخ «قدسسره» على أن القيد يرجع إلى المادة ، والهيئة تبقى على إطلاقها ، فالوجوب في الحال ، وإنما الواجب متأخر ، فإذا قال : «حج إن استطعت» وجب على المكلف في الحال الحج الواقع بعد الاستطاعة. وأما على مبنى المصنف وغيره من الأعلام : فالقيد يرجع إلى مفاد الهيئة ، والمادة تتقيد بتبع مفادها ، فالوجوب كالواجب متأخر فلا يجب في الحال ، وإنما يجب الحج بعد الاستطاعة.
وهذا ما أشار إليه المصنف بقوله : «إن الواجب المشروط كما أشرنا إليه ، أن نفس الوجوب فيه مشروط بالشرط» أي : تقدم في كلامه الإشارة إلى الواجب المشروط حيث قال : «ضرورة : اشتراط وجوب كل واجب ببعض الأمور» ، وقال أيضا : «إن كان وجوبه غير مشروط فهو مطلق بالإضافة إليه ، وإلّا فمشروط كذلك».