إرشادا إلى ما لا نقصان فيه من سائر الأفراد ، ويكون أكثر ثوابا منه ، وليكن (١) هذا مراد من قال : إن الكراهة في العبادة بمعنى أنها تكون أقل ثوابا.
ولا يرد (٢) عليه بلزوم اتصاف العبادة التي تكون أقل ثوابا من الأخرى بالكراهة ،
______________________________________________________
(١) أي وليكن هذا أي : تفسيرهم العبادة المكروهة بكونها أقل ثوابا أقليته بالنسبة إلى الفرد الآخر من نفس تلك الطبيعة لا الأقلية بالإضافة إلى عبادة أخرى.
مراد من قال : إن الكراهة في العبادة تكون بمعنى أنها تكون أقل ثوابا
والحاصل : أن من قال : إن العبادة المكروهة عبارة عن العبادة التي تكون أقل ثوابا مراده أنه لو كان هناك طبيعة لها مقدار من الثواب في نفسها ثم كان بعض أفراد تلك الطبيعة أقل ثوابا ، باعتبار تشخص تلك الأفراد بخصوصية غير ملاءمة ، وليس مرادهم أن كل عبادة أقل ثوابا من ثواب غيرها تكون مكروهة ، بل الأفراد الناقصة من الطبيعة مكروهة بمعنى أنها أقل ثوابا من سائر أفراد تلك الطبيعة.
وكيف كان ؛ فالملحوظ في أقلية الثواب ، وفي أكثريته هو نفس الطبيعة من حيث هي هي ، مع قطع النظر عن مشخصاتها الوجودية ، سواء كانت ملائمة لها أم كانت غير ملائمة ، فكل فرد من أفراد الطبيعة المأمور بها إذا كانت مصلحته زائدة على مصلحة أصل الطبيعة فهو مستحب ، وأفضل الأفراد كالصلاة في المسجد مثلا. وكل فرد من أفرادها إذا كانت مصلحته ناقصة عن مصلحة أصل الطبيعة المأمور بها فهو مكروه ؛ كالصلاة في الحمام. فالمراد من أصل الطبيعة : هو الصلاة التي لا تتشخص بمشخص ملائم ولا بعدم الملائم ، فهي مقياس ومعيار ، فيكون هذا مراد من قال : إن الكراهة في العبادة تكون بمعنى : أقلية ثوابها كي لا يلزم ما يرد عليه من الإشكالين كما لا يخفى.
(٢) يعني : لا يرد على هذا التفسير ما ذكره صاحب الفصول ؛ من أن الكراهة بمعنى : أقلية الثواب تستلزم أمرين لا يمكن الالتزام بهما ، وأولهما : ما أشار إليه بقوله : «بلزوم اتصاف العبادة ...» إلخ. وثانيهما : ما أشار إليه بقوله : «ولزوم اتصاف ما لا مزية فيه ...» إلخ.
وحاصل الأمر الأول : هو لزوم اتصاف كل عبادة تكون أقل ثوابا من أخرى بالكراهة. مثلا إذا كان ثواب الصلاة أكثر من الصوم لزم أن يكون الصوم مكروها. وكذا الحال بالنسبة إلى أفراد طبيعة واحدة مع تشخصها بمشخصات مختلفة من حيث الملاءمة وعدمها ، فتكره الصلاة في الحمام بالإضافة إلى الصلاة في الدار. وهكذا ، وهذا من البطلان على حد البداهة والضرورة.