نعم (١) ؛ لا بأس بصدق الإطاعة بمعنى حصول الفرض والعصيان في التوصليات.
وأما في العبادات : فلا يكاد يحصل الفرض منها إلّا فيما صدر من المكلف فعلا غير محرم وغير مبغوض عليه ، كما تقدم.
بقى الكلام في حال التفصيل من بعض الأعلام (٢) ، والقول بالجواز عقلا والامتناع عرفا.
______________________________________________________
(١) هذا استدراك على المنع عن صدق الإطاعة والمعصية معا ، وأنه لا بد من صدق أحدهما فقط.
وحاصل الاستدراك ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ١٤». : أنه لا بأس بصدقهما معا في التوصليات ؛ لكن معنى الإطاعة حينئذ هو حصول الغرض الداعي إلى الأمر ، حيث إنه يسقط بوجود المأمور به في الخارج ولو بغير داعي القربة ؛ لإتيان المأمور به بداعي أمره.
وعلى هذا : فلا يحصل الغرض من العبادات إلّا بصدور المأمور به من المكلف على الوجه غير المحرم حتى يصلح للعبادية والمقربية ، فلا يصدق الإطاعة والمعصية معا في العبادات.
وكيف كان ؛ فلا إشكال في صدق الإطاعة إذا كانت بمعنى حصول الغرض والعصيان في التوصليات ؛ وذلك لما عرفت سابقا : من حصول الغرض منها وسقوط أمرها ولو بفعل الغير أو المحرم ؛ كغسل الثوب المتنجس بالماء المغصوب ، فالخياطة توصلية يحصل الغرض منها بما هو المحرم.
هذا بخلاف العبادات ، فلا يحصل الغرض منها الداعي إلى الأمر إلّا بصدور المأمور به في الخارج من المكلف على وجه غير محرم ؛ بل على الوجه القربي ؛ لا على وجه يكون مبغوضا عليه كما تقدم تفصيل ذلك في الأمر العاشر ، حيث قال المصنف هناك : إن الصلاة في الدار المغصوبة مع العلم بالغصبية أو مع العلم بحكمها باطلة ؛ لكونها. والحال هذه. لا تصلح للعبادية والمقربية.
التفصيل بالجواز عقلا والامتناع عرفا
(٢) كسلطان العلماء ، والمحقق الأردبيلي ، وسيد الرياض ، والسيد الطباطبائي «قدس الله أسرارهم» ، على ما قيل في «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ١٤٠».
وحاصل الوجه في هذا التفصيل : أن الاجتماع في نظر العقل جائز ؛ لأن تعدد العنوان موجب لتعدد المعنون في نظره الدقي ، فيكون رافعا للتضاد بين الأمر والنهي ، فلا يلزم اجتماع الضدين في شيء واحد.