وربما أشكل على المعلق أيضا (١) : بعدم القدرة على المكلف به في حال البعث ، مع إنها من الشرائط العامة.
وفيه (٢) : أن الشرط إنما هو القدرة على الواجب في زمانه ، لا في زمان الإيجاب
______________________________________________________
(١) هذا إشكال آخر على الواجب المعلق الذي قال به صاحب الفصول.
توضيح الإشكال يتوقف على مقدمة وهي : أن للتكاليف الشرعية شرائط ومنها : القدرة على العمل ؛ لأن القدرة على الواجب عقلا من الشرائط العامة ، ومقتضى شرطيتها انتفاء الوجوب عند انتفائها ؛ إذ معنى الشرط ما ينتفي المشروط بانتفائه.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول : إن القول بالواجب المعلق باطل لاستلزامه وجود المشروط عند انتفاء الشرط ، إذا المفروض : هو انتفاء القدرة على الواجب مع كونها من الشرائط العامة ؛ فالحج في الموسم قبل وقته غير واجب لعدم القدرة عليه ، فلو كان واجبا لزم وجود المشروط عند انتفاء الشرط. وهو خلف.
(٢) أي : ما يرد في هذا الإشكال : أن الشرط للتكليف هو القدرة على الامتثال حين الامتثال لا حين الإيجاب.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن القدرة على فعل الواجب على أقسام :
١ ـ القدرة عليه حين الإيجاب فقط.
٢ ـ القدرة حين الإيجاب والامتثال معا.
٣ ـ القدرة حين الامتثال فقط.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول : إن الشرط المعتبر في وجوب شيء هو القدرة على الواجب في زمان فعله وامتثاله ؛ لا القدرة حين الإيجاب فقط ، ولا القدرة حين الإيجاب والامتثال معا ، والمفروض هو : وجود قدرة المكلف على الإتيان بالواجب المعلق في زمان فعله وامتثاله فقط ؛ إذ لم يثبت شرعا اعتبار القدرة في زمان حدوث الإيجاب ، ويكفي ثبوتها في ظرف الامتثال لتشريع الوجوب من باب الشرط المتأخر ، الذي هو من الشرط المقارن حقيقة ؛ بناء على ما سبق تحقيقه من المصنف ـ في مبحث أقسام الشرط ـ حيث قال : إن الشرط في الشرط المتأخر هو وجوده اللحاظي الذي هو من المقارن ، والقدرة كذلك حيث أنها بوجودها العلمي شرط للإرادة لا بوجودها الخارجي.
ولذا لو علم المكلف بعدم قدرته لا يريده وإن كان مقدورا له واقعا ، وكذلك لو علم بقدرته عليه يريده وإن لم يكن مقدورا له واقعا.
وكيف كان ؛ فالقدرة حين الامتثال من الشرط المتأخر ، كما أشار إليه بقوله : «غاية