موردا للتكليف ، ضرورة : إنه لو كان مقدمة الوجوب أيضا لا يكاد يكون هناك وجوب إلّا بعد حصوله ، وبعد الحصول يكون وجوبه طلب الحاصل ، كما أنه إذا أخذ على أحد النحوين يكون كذلك ، فلو لم يحصل لما كان الفعل موردا للتكليف ، ومع حصوله لا يكاد يصح تعلقه به فافهم (١).
إذا عرفت ذلك (٢) ، فقد عرفت : أنه لا إشكال أصلا في لزوم الإتيان بالمقدمة قبل
______________________________________________________
ثالثها : عدم كون المقدمة قيدا للفعل بوجودها الاتفاقي أي : بأن لا يجعل الفعل المقيد باتفاق حصولها بلا اختيار ـ كالبلوغ والوقت ـ أو باختيار المكلف ـ كالسفر مثلا ـ موردا للتكليف ـ كما أشار إليه بقوله : ـ «أو جعل الفعل المقيد ...» إلخ ؛ إذ لو كانت بوجودها الاتفاقي قيدا للواجب لكان الشرط حينئذ وجودها الاتفاقي ، فلا تكون المقدمة واجبة ؛ إذ ليست المصلحة الملزمة في وجودها كذلك كي توجب وجوبها.
قوله : «ضرورة : أنه لو كان مقدمة الوجوب أيضا» تعليل لاعتبار الشرائط المذكورة في وجوب المقدمة ، وقد عرفت توضيح ذلك.
(١) لعله إشارة إلى : أن القيد إذا أخذ عنوانا للمكلف صار الوجوب مشروطا فيخرج عن الإطلاق ، وكذا إذا أخذ شرطا للوجوب فلا وجوب أصلا حتى يترشح على المقدمة ، فهذان الشرطان مقومان للإطلاق ومحققان له.
(٢) أي : إذا عرفت ما ذكرناه من المقدمة. «فقد عرفت : إنه لا إشكال أصلا في لزوم الإتيان بالمقدمة قبل زمان الواجب إذا لم يقدر عليه بعد زمانه فيما إذا كان وجوبه حاليا مطلقا ، ولو كان مشروطا بشرط متأخر».
وحاصل الكلام في المقام : أن قول المصنف : «فقد عرفت أنه لا إشكال أصلا ...» إلخ شروع في التخلص عن العويصة المشهورة التي تقدم الكلام فيها ، وفي الجواب عنها.
وكيف كان ؛ فكان كلامه من أول التنبيه إلى هنا مقدمة للشروع في التخلص عنها ، فينبغي لنا أن نذكر العويصة والجواب عنها ثانيا توضيحا لكلام المصنف «قدسسره» هنا.
وخلاصة الإشكال والعويصة : أنه قد قام الإجماع ، بل الضرورة على وجوب بعض المقدمات قبل زمان حضور الواجب كالغسل في الليل للصوم في الغد ، وكتحصيل الزاد والراحلة قبل مجيء موسم الحج ، فيرد فيه الإشكال من جهة أنه تجب المقدمة قبل وجوب ذيها ، مع إن وجوبها تابع لوجوبه.
وفي الجواب عن هذه العويصة وجوه : بل أقوال قد تقدم ذكرها ، وقلنا : إن الشيخ الأنصاري ذهب إلى أن الشرط من قيود المادة لا الهيئة. وذهب صاحب الفصول إلى