وجوبها نفسيا ولو تهيّؤا ليتهيّأ بإتيانها ، ويستعد لإيجاب ذي المقدمة عليه ؛ فلا محذور أيضا (١).
إن قلت (٢) : لو كان وجوب المقدمة في زمان كاشفا عن سبق وجوب ذي
______________________________________________________
وفي بعض النسخ : «نفسيا تهيئيا».
وكيف كان ؛ فمع الدليل على وجوبها يكون وجوبها نفسيا لا غيريا ترشحيّا ، وملاك هذا الوجوب النفسي هو : تهيّؤ المكلف واستعداده لإيجاب ذي المقدمة في وقته بسبب إتيان مقدمته ، ثم الفرق بين هذه المقدمة وبين غيرها من المقدمات هو : إن وجوب هذه المقدمة ليس معلولا لوجوب ذي المقدمة ؛ بخلاف وجوب سائر المقدمات فإنه معلول له ؛ لكونه مترشحا من وجوب ذيها.
(١) أي : فلا محذور في وجوب المقدمة قبل وجوب ذيها ، كما لا محذور في وجوبها ؛ إذا كان وجوب ذيها مشروطا بشرط متأخر معلوم الوجود في وقته وظرفه.
وحاصل الكلام في المقام هو : أن سبق وجوب المقدمة كاشف عن وجوب ذيها فعلا وحاليا ؛ وذلك لاستحالة ترشح الوجوب من دون وجوب ذيها ، فلو فرض سبق وجوب المقدمة ، وعلم عدم حالية وجوب ذيها فليس وجوبها ترشحيا ؛ بل إما وجوب نفسي ذاتي لحكمة فيه ، وإما وجوب نفسي تهيّئي أي : لحكمة التهيؤ والاستعداد للتكليف ، كما ذكر في وجوب التعلم.
(٢) هذا الإشكال إشكال على البرهان الإنّي المزبور ـ وهو كشف وجوب المقدمة عن سبق وجوب ذيها.
توضيح الإشكال يتوقف على مقدمة وهي : أن مقدمة الواجب باعتبار قدرة المكلف عليها على قسمين :
الأول : أن تكون موسعة ، وهي : أن تكون مقدورة له في زمان الواجب وقبل زمانه.
الثاني : أن تكون مضيقة بمعنى : أنها مقدورة قبل زمان الواجب فقط.
والقسم الأول لا يجب تحصيله قبل زمان الواجب ، هذا بخلاف القسم الثاني ، فيجب تحصيله قبل زمان الواجب لاستلزام عدم تحصيله فوت الواجب ، وباعتبار الدليل أيضا على قسمين : قسم مما قام على وجوبها دليل خاص ، وقسم آخر مما لم يدل على وجوبها دليل خاص.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول في تقريب الإشكال : أنه يلزم بناء على الكشف : وجوب جميع مقدمات الواجب الوجودية ، دون خصوص ما قام الدليل على وجوب الإتيان به قبل زمان ذي المقدمة ؛ لأن المفروض : فعلية وجوب ذي المقدمة ، وعليته