السابع (١):
لا يخفى : أنه لا أصل في المسألة يعول عليه ، لو شك في دلالة النهي على الفساد.
نعم (٢) ؛ كان الأصل في المسألة الفرعية الفساد لو لم يكن هناك إطلاق أو عموم
______________________________________________________
في تحقيق حال الأصل في المسألة
(١) المقصود من عقد هذا الأمر : إنّه لو فرض عدم دلالة النهي على الفساد ، أو الشك في دلالته عليه ؛ لعدم نهوض دليل عليها أو لعدم تماميّته ، فهل يكون هناك أصل يثبت الدلالة عليه أو عدمها أم لا؟
وحاصل الكلام في المقام : أنّه إذا أثبتنا في المسألة الأصولية أنّ النهي يدل على الفساد ، أو أنّه لا يدّل عليه فهو ، ونأخذ به.
وأمّا لو عجزنا عن ذلك نفيا وإثباتا ، وشك في دلالته على الفساد وعدمها فلا أصل لنا في المسألة يقتضي دلالة النهي على الفساد ، أو عدم دلالته عليه.
والسر على ذلك : أن النهي حين حدوثه إمّا كان دالّا على الفساد وإمّا لم يكن دالّا عليه ، وحيث لم يعلم شيء منهما ، فليس له حالة سابقة معلومة حتى تستصحب ، ولا مجال لأصالة عدم وضع اللفظ لما يوجب الفساد ، لمعارضتها لأصالة عدم وضعه لما لا يستلزمه.
(٢) أي : نعم ، يجري الأصل في المسألة الفقهية ، ففي المعاملات تجري أصالة الفساد بعد فرض عدم عموم ، أو إطلاق يقتضي الصحة فيها ، والمراد من الفساد هو عدم ترتّب الأثر المقصود من المعاملة كالملكية والزوجية ونحوهما ، فيستصحب عدم حصول الأثر عند الشك في حصوله ، وهذا هو معنى أصالة الفساد المشتهرة على الألسن في المعاملات ، ففساد البيع المنهي عنه هو : عدم ترتّب النقل والانتقال عليه ، وبقاء كل من المالين على ملك مالكه ، إلّا إن يكون هناك إطلاق أو عموم يدل على صحتها ، فلا يجري الأصل حينئذ لحكومتهما على أصالة عدم ترتب الأثر.
وكذلك تجرى أصالة الفساد المراد بها قاعدة الاشتغال في العبادات أيضا ؛ لأنّ الشك في فراغ الذّمة ـ بعد القطع باشتغالها بالتكليف ـ يوجب لزوم تحصيل اليقين بالفراغ. هذا ما أشار إليه بقوله : «وأما في العبادة فكذلك» يعني : أن الأصل فيها الفساد كالمعاملات ، غاية الأمر : أن الفساد في المعاملات يكون مقتضى الاستصحاب ، وفي العبادات يكون مقتضى قاعدة الاشتغال.
قوله : «لعدم الأمر بها» تعليل لكون الأصل في العبادات الفساد.