سقوط الإعادة ، فإنّه مترتّب على إتيانها بقصد القربة ، وكانت ممّا يصلح لأن يتقرّب به ، ومع الحرمة لا تكاد تصلح لذلك ، ولا يتأتّى قصدها من الملتفت إلى حرمتها كما لا يخفى.
لا يقال : هذا (١) لو كان النهي عنها دالا على الحرمة الذاتية ، ولا يكاد يتّصف بها العبادة ؛ لعدم (٢) الحرمة بدون قصد القربة ، وعدم القدرة عليها مع قصد القربة بها إلّا
______________________________________________________
الملتفت إلى حرمة العبادة ؛ لما عرفت من تضاد الحرمة مع صحة العبادة ، وإن أمكن قصد القربة بها مع عدم الالتفات إلى الحرمة ؛ إلّا إنّ مجرّد قصدها مع عدم صلاحية الفعل بنفسه للمقربيّة لا يكفي في سقوط الإعادة.
(١) أي : الذي ذكر من دلالة النهي على الفساد إنّما يتمّ فيما لو كان النهي عن العبادة دالّا على الحرمة الذاتية ، كما اعترف المستدل بقوله :
«لدلالته على حرمتها ذاتا».
وحاصل ما أفاده المصنف في تقريب الإشكال : أن النهي لا يدل على الفساد إلّا إذا دل على الحرمة الذاتية ، والمفروض : عدم دلالته على ذلك ؛ لامتناع اتصاف العبادة بالحرمة الذاتية ، لأنّه إن أتى بالعمل بدون القربة كصلاة الحائض لتمرين الصبيّ فلا يتصف بالحرمة ؛ لأنّ المحرم هو العبادة الّتي تتقوّم بقصد القربة ، وبدون قصدها لا يكون العمل عبادة حتى تفسد بحرمتها الناشئة من النهي.
وإن أتى بالعمل مع قصد القربة كان مشرّعا ؛ إذ لا أمر به مع حرمته ، فلا يقدر على نيّة القربة إلّا بتشريع أمر ليقصد التقرّب به ، وحينئذ يحرم العمل للتشريع ، ومع هذه الحرمة التشريعية يمتنع اتصافه بالحرمة الذاتية لاجتماع المثلين المستحيل.
وملخص الكلام في المقام : أنّ النهي عن العبادة لمّا لم يدل على الحرمة الذاتية لامتناع اتصاف العبادة بها ، فلم يدل على الفساد أيضا ، فلا يصح الالتزام بدلالته على فساد العبادة ، كما التزموا بها. هذا غاية ما يقال في تقريب الإشكال.
(٢) تعليل لعدم اتصاف العبادة بالحرمة الذاتية.
وحاصل التعليل : أنه بدون قصد القربة لا موضوع للحرمة ؛ لأن المفروض : كون المنهي عنه هي العبادة المتقومة بقصد القربة. ومع قصد القربة تحرم تشريعا ؛ إذ لا أمر بها إلا بالتشريع المحرم ، ومع حرمة التشريع لا تتصف بحرمة أخرى وهي الحرمة الذاتية ؛ لامتناع اجتماع المثلين ، كما أشار إليه بقوله : «لا تتصف بحرمة أخرى» أي : الحرمة الذاتية.