ولا بأس بإطلاق المعصية على عمل لم يمضه الله تعالى ولم يأذن به ، كما أطلق عليه (١) بمجرد عدم إذن السيّد فيه أنّه معصية.
وبالجملة : لو لم يكن (٢) ظاهرا في ذلك لما كان ظاهرا فيما توهم. وهكذا حال سائر الأخبار الواردة في هذا الباب (٣) فراجع وتأمل.
تذنيب (٤):
حكي عن أبي حنيفة والشيباني : دلالة النهي على الصحة ، وعن الفخر : أنه وافقهما في ذلك.
______________________________________________________
فالمراد بالمعصية المنفية : هو القسم الأوّل ، وهو خارج عن محلّ النزاع ؛ إذ لا نزاع في فساد ما لم يجزه الشارع ولم يمضه.
والحاصل : أن الرواية تدل بمفهومها على أن العصيان الناشئ عن عدم الإجازة موجب للفساد ، ولا تدل على محل البحث وهو أنّ العصيان الناشئ عن النهي موجب للفساد.
(١) أي : على العمل يعني : كما أطلق على العمل بأنّه معصية إذا كان من دون إذن السيّد.
(٢) أي : لو لم يكن هذا الحديث المذكور في المتن ظاهرا في عمل لم يمضه الله تعالى «لما كان ظاهرا فيما توهم» من دلالة النهي على الفساد.
(٣) أي : سائر الأخبار الواردة في هذا الباب أيضا لا تدل على إفادة النهي للفساد.
في دلالة النهي على صحة متعلقه
(٤) تذنيب : في دفع توهم دلالة النهي عن المعاملات على الصحّة مطلقا.
«حكي عن أبي حنيفة» وتلميذه محمد بن الحسن الشيباني «دلالة النهي على الصحة ، وعن الفخر» أي : فخر المحققين نجل العلامة الحلّي «قدس الله سرّهما» «أنّه وافقهما في ذلك» ؛ لأن النهي تكليف ، والتكليف مشروط بالقدرة ؛ بمعنى : أن يكون كل من الفعل والترك تحت قدرة المكلف ، إذ كل حكم تكليفي لا يتعلق إلّا بما هو مقدور للمكلف.
ثم لا يكون متعلّق النهي مقدورا إلّا إذا كان بجميع أجزائه وشرائطه الّتي هي مورد النهي مقدورا ، لو فرض أن المكلف خالف وأتى بالمنهي عنه كذلك ـ أي : بجميع أجزائه وشرائطه يترتب عليه الأثر بالضرورة ، وهذا هو معنى كونه صحيحا. وحينئذ فالنهي عن الشيء يدل على صحته لا محالة.