والتحقيق : أنه في المعاملات كذلك إذا كان عن المسبّب أو التسبيب ، لاعتبار (١) القدرة في متعلّق النهي كالأمر ، ولا يكاد يقدر عليهما إلّا فيما كانت المعاملة مؤثرة صحيحة.
وأمّا إذا كان عن السّبب : فلا (٢) ، لكونه مقدورا وإن لم يكن صحيحا. نعم ؛ قد
______________________________________________________
هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب دلالة النهي على الصحة ؛ ولكن المصنف اختار التفصيل في المقام حيث قال : «والتحقيق أنّه في المعاملات ...» إلخ.
وحاصل الكلام في المقام : أنّ المصنف قال بدلالة النهي على الصحة في مورد من العبادات ، وفي موردين من المعاملات.
أحدهما : تعلق النهي بالمسبب ؛ كالنهي عن بيع المصحف من الكافر ، فلو لم يكن قادرا على التمليك ـ بأن يوجد البيع بحيث يترتّب الأثر أعني : الملكية ـ لما صحّ النهي عنه.
ثانيهما : تعلق النهي بالتسبّب كالظهار ، فإنّ التسبّب به إلى الفراق بين الزوجين مبغوض ، بخلاف التسبّب بالطلاق إلى البينونة بينهما ، فإن لم يترتّب الفراق على الظهار كان النهي عنه لغوا ؛ إذ المفروض : كون النهي إنما هو بلحاظ ترتّب الأثر عليه ، لا بلحاظ كونه فعلا مباشريا كالبيع وقت النداء.
ففي هذين الموردين من المعاملات لا محيص عن دلالة النهي على الصحة ؛ لأن المنهي عنه هو المؤثر الذي يتوقف تأثيره على كونه صحيحا ؛ إذ الفاسد لا يصلح للسببية.
أما دلالة النهي على الصحة في مورد من العبادات : فهو فيما إذا كانت العبادة ذاتية ـ أي : غير متوقفة على قصد القربة ـ كالسجود مثلا ، فإنّ النهي عن هذا القسم من العبادات يدل على الصحة ، كما في المعاملات ، لأنّ متعلقه مقدور للمكلف ، لقدرته على إيجاد السجود مثلا وعدمه ، فلو فرض أنه أتى بالسجود المنهي عنه لكانت عبادة صحيحة ؛ إذ لا تتوقف عباديّته على الأمر به حتى لا يمكن إيجاده مع النهي عنه.
(١) تعليل لدلالة النهي على الصحة في الموردين المذكورين.
(٢) أي : وأما إذا كان النهي عن السبب فلا يدل على الصحة ، وهذا إشارة إلى القسم الثالث من أقسام المعاملة.
والغرض من هذا الكلام : أنّ النهي عن المعاملة إن كان عن السبب بما أنّه فعل مباشري ـ كالبيع وقت النداء ، حيث إن المنهي عنه هو العقد المفوّت لصلاة الجمعة لا العقد المؤثر في الملكية ـ فلا يدل على الصحة ؛ إذ المبغوض هو إيجاد ذات السبب ، لكونه من أفعاله المباشرية لا لكونه مؤثرا في الملكية وسببا لها ، فالملحوظ هو المعنى