كان مأمورا به كان الأمر به أمر عبادة لا يسقط إلّا بقصد القربة فافهم (١).
______________________________________________________
وقد أجاب المصنف عن هذا التوهم بقوله : «أن النهي في هذا القسم إنّما يكون نهيا عن العبادة بمعنى : أنه لو كان مأمورا به كان الأمر به أمر عبادة».
وحاصل الجواب : أن المراد بالعبادة فيما يمكن تعلق النهي به هو العبادة التقديرية ، وهي ما لو أمر به لكان عبادة ، لا العبادة الفعلية الّتي تكون مأمورا بها فعلا ، كما تقدم.
(١) يمكن أن يكون إشارة إلى : أن النهي في المعاملات لا يدل على الصحة حتى ما كان عن المسبب أو التسبيب ، وذلك : لاحتمال أن يكون إرشادا إلى عدم ترتب الأثر بمعنى : أن هذه المعاملة العرفية التي يرتب العرف عليها الأثر لا يترتب عليها الأثر في نظر الشارع ؛ بل يمكن أن يكون إشارة إلى لزوم التناقض لو دل النهي على الصحة ؛ لأنّ الصحة ملازمة للإمضاء الشرعي ، والنهي ملازم لعدم الإمضاء الشرعي.
خلاصة البحث مع رأي المصنف «قدسسره»
يتخلص البحث في أمور :
١ ـ أقسام تعلق النهي بالعبادة مع أحكامها :
أما أقسامه فهي خمسة :
١ ـ ما يتعلق النهي بذات العبادة ؛ كالنهي عن الصلاة حال الحيض.
٢ ـ ما يتعلق بجزئها ؛ كالنهي عن قراءة العزائم في الصلاة.
٣ ـ ما يتعلق بشرطها ؛ كالنهي عن الوضوء بالماء المغصوب.
٤ ـ ما يتعلق بوصفها الملازم ؛ كالنهي عن الجهر والإخفات في القراءة كالجهر في الظهرين ، والإخفات في العشاءين والصبح.
٥ ـ ما يتعلق بوصفها غير الملازم ؛ كالنهي عن الكون الغصبي حال الصلاة ؛ إذ قد تقع الصلاة في غير المغصوب.
أمّا أحكام هذه الأقسام : فلا إشكال في دخول القسم الأول والثاني في محلّ النزاع ؛ لأن جزء العبادة عبادة ، والنهي عنه نهي عنها.
والفرق بينهما بعد اشتراكهما في أصل البطلان بالنهي : إنه لا يقتضي النهي عن الجزء إلّا فساد ذلك الجزء ، ولا يقتضي فساد أصل العبادة إلّا بالاقتصار على ذلك الجزء الفاسد ؛ لأن الاقتصار عليه يوجب بطلان أصل العبادة من أجل النقيصة العمدية ، هذا بخلاف النهي عن نفس العبادة ، حيث يقتضي بطلانها ، ولا علاج لصحتها أصلا.