جاءك زيد فأكرمه مثلا ـ لو قيل به ـ قضية شرطية سالبة بشرطها وجزائها ، لازمة للقضية الشرطية التي تكون معنى القضية اللفظية ، وتكون لها (١) خصوصية بتلك الخصوصية كانت مستلزمة لها. فصح (٢) أن يقال : إن المفهوم إنما هو حكم غير مذكور ، لا إنه (٣) حكم لغير مذكور ـ كما فسر به (٤) ـ وقد وقع فيه (٥) النقض
______________________________________________________
خصوصية المعنى المنطوقي ، بحيث لو لم تكن تلك الخصوصية لم يدل المنطوق على ذلك الحكم الإنشائي أو الإخباري المسمى بالمفهوم ، فلا بد أن تكون تلك الخصوصية المعتبرة في المنطوق مدلولا عليها باللفظ حتى يخرج المفهوم عن المداليل الالتزامية ، كوجوب المقدمة وحرمة الضد ، فإن اللفظ لا يدل فيهما إلا على ذي الخصوصية وهو وجوب ذي المقدمة ، ووجوب الضد الآخر ، ونفس الخصوصية تستفاد من الخارج ، لا من اللفظ.
(١) أي : للقضية الشرطية الموجبة في المنطوق «خصوصية بتلك الخصوصية» أي : بسبب تلك الخصوصية كانت القضية اللفظية «مستلزمة لها» أي : للقضية المفهومية.
(٢) هذا متفرع على ما أفاده من كون المفهوم عبارة عن حكم إنشائي أو إخباري غير مذكور في القضية تقتضيه خصوصية المعنى المنطوقي ، إذ يصح حينئذ أن يقال : إن المفهوم حكم غير مذكور في القضية اللفظية ، ضرورة : أن حرمة إكرام زيد غير مذكورة في قولنا : «إن جاءك زيد فأكرمه» ، وكذا حرمة الضرب والشتم فإنها غير مذكورة في قوله تعالى : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ).
فالمتحصل : هو أن نفس المفهوم ـ وهو الحكم الإنشائي أو الإخباري ـ غير مذكور في المنطوق بلا واسطة وإن كان مدلولا عليه بذكر الخصوصية المشتملة له في المنطوق.
(٣) أي : لا أن المفهوم حكم لموضوع غير مذكور في المنطوق. فالفرق بين المفهوم والمنطوق على هذا التعريف : أن الموضوع في المنطوق مذكور ، وفي المفهوم غير مذكور ، كالضرب والشتم الموضوعين للحرمة فإنهما غير مذكورين في المنطوق.
(٤) أي : كما فسر المفهوم بأنه حكم لغير مذكور كما عرفت ذلك عن الحاجبي والعضدي.
(٥) أي : في هذا التفسير «النقض والإبرام بين الأعلام».
وحاصل الكلام : أن تعريف المفهوم بكونه حكما لغير مذكور لا يكون جامعا لأفراده ، ولا مانعا لغير أفراده. وأما عدم كونه جامعا للأفراد : فلخروج مفهوم الشرط ومفهوم الغاية عن المفهوم بالمعنى المذكور ، فإن الموضوع في مفهوم الشرط ـ في مثل : «إن