هو الواجب على كل حال ، بخلاف الغيري فإنه واجب على تقدير دون تقدير ، فيحتاج بيانه إلى مئونة التقييد بما إذا وجب الغير ، فيكون الإطلاق في الصيغة مع مقدمات الحكمة محمولا عليه (١) ، وهذا بخلاف اللزوم والترتب بنحو الترتب على العلة المنحصرة ، ضرورة : أن كل واحد من أنحاء اللزوم والترتب محتاج في تعينه إلى القرينة مثل الآخر بلا تفاوت أصلا ، كما لا يخفى.
ثم إنه ربما يتمسك للدلالة على المفهوم بإطلاق الشرط (٢) بتقريب : أنه لو لم يكن
______________________________________________________
النفسي بإطلاق صيغة الأمر ، هذا بخلاف اللزوم والترتب بنحو الترتب على العلة المنحصرة في المقام ، إذ الإطلاق لا يقتضي كون العلة منحصرة حتى يحمل الإطلاق عليه.
والمتحصل : أن الظاهر من الجملة الشرطية هو : مطلق اللزوم والترتب ، الأعم من كونه على العلة المنحصرة وغير المنحصرة ، والإطلاق ظاهر في الجامع ، فكل منهما بالخصوص يحتاج إلى قرينة معينة بلا تفاوت بين العلة المنحصرة وغيرها.
(١) أي : على الوجوب النفسي.
(٢) هذا إشارة إلى التقريب الثاني من التمسك بالإطلاق للقول بالمفهوم.
وحاصل الكلام : أن المصنف لمّا فرغ من بيان دعوى تبادر اللزوم ، ودعوى الانصراف ، ومقتضى الإطلاق بمقدمات الحكمة لإثبات المفهوم أخذ بالاستدلال الرابع ـ وهو التقريب الثاني من التمسك بالإطلاق ـ وقال : إن مقتضى إطلاق الشرط في مثل : «إن جاءك زيد فأكرمه» هو علية الشرط ـ أعني : المجيء وحده ـ لوجوب الإكرام ، وهذا يستلزم الانتفاء عند الانتفاء ، لأنه لو لم يكن شرط وجوب الإكرام منحصرا في المجيء لما كان هذا الشرط علة وسببا للجزاء ، بل العلة والسبب هو مع غيره ، فكان على المولى بيانه وتقييده بذلك الغير.
والحال : أن إطلاق الشرط يقتضي كونه علة منحصرة لوجوب الإكرام ، والفرق بين الوجه الثالث وهذا الوجه الرابع هو : أن مصب الإطلاق في الوجه الثالث كان في معنى أدوات الشرط مثل : «إن وإذا» وغيرهما ، ومصبه هنا كان في نفس الشرط ، كالمجيء في المثال المتقدم ، فهذا الإطلاق إطلاق أحوالي للشرط بتقريب : أن المقدم إن كان علة منحصرة صح أن يقال : كلما تحقق المقدم ترتب عليه التالي ، وإن لم يكن كذلك لم يصح ذلك ، ففي المثال المذكور : إن لم يكن شرط وجوب الإكرام منحصرا في المجيء ، بل كان له شرط آخر كالسلام كان الجامع بين الشرطين هو المؤثر في وجود التالي ، مع إن إطلاق الشرط ـ أعني : المجيء ـ من حيث الأحوال يقتضي أن يكون في