ففيه : أن التعين ليس في الشرط نحوا يغاير نحوه فيما إذا كان متعددا ، كما كان في الوجوب كذلك ، وكان الوجوب في كل منهما متعلقا بالواجب بنحو آخر لا بد في التخييري منهما من العدل ، وهذا بخلاف الشرط فإنه ـ واحدا كان أو متعددا ـ
______________________________________________________
دخيلا في تأثير الشرط لكان معطوفا عليه بالواو مثل : «إن جاءك زيد وحفظ درسه فأكرمه».
ويمكن أن يكون الإطلاق نافيا للعدل الذي يقتضيه العطف ب «أو» ويعبر عنه بالإطلاق الأوي. أي : لو كان شيء آخر أيضا علّة لتحقق الجزاء لكان معطوفا على الشرط ب «أو» نحو : «إن جاءك زيد أو سلم عليك فأكرمه». والفرق بين الإطلاق هنا والإطلاق السابق الذي تقدم في قوله : «ربما يتمسك ..» إلخ هو : أن الإطلاق السابق انضمامي ، والإطلاق هنا عدلي ، فيكون مثبتا لتعين الشرط في العلية والمؤثرية ، ونافيا لوجود عدل للشرط ، نظير إطلاق صيغة الأمر في كونه معينا للوجوب التعييني ، فإن الوجوب التخييري وإن كان من أقسام الوجوب إلا إنه محتاج إلى بيان زائد على أصل الوجوب ، كأن يقول : «صم أو أطعم». فالإطلاق في المقام كإطلاق صيغة الأمر مثبت للتعيين والانحصار ، وناف للعدل.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول : إن مقتضى الإطلاق هو : عدم وجود عدل للشرط مؤثر وحده في تحقق الجزاء ، ولو كان لعطفه المتكلم ب «أو» ويقول : «إن جاءك زيد أو سلم عليك فأكرمه» ، فمن الإطلاق وعدم العطف نستكشف كون الشرط علة منحصرة للجزاء. غاية الأمر : أن الإطلاق العدلي مترتب على الإطلاق الانضمامي بمعنى : أن الإطلاق الانضمامي ينفي الانضمام ويثبت الاستقلال في العلية. وهذا الإطلاق ينفي العدل ويثبت بأن العلة المستقلة واحدة ، وليس له عدل أصلا.
وحاصل ما أفاده المصنف في الجواب عن هذا التوهم هو : فساد قياس العلة المنحصرة بالوجوب التعييني ، لكونه مع الفارق.
وحاصل الفرق : أن الوجوب التعييني مغاير للوجوب التخييري ثبوتا وإثباتا. أما مغايرتهما ثبوتا : فلأن مصلحة الوجوب التعييني غير مصلحة الوجوب التخييري ، حيث إن المصلحة في الوجوب التعييني قائمة بنفس الواجب ، وفي الوجوب التخييري قائمة بالجامع بين الأمرين مثل : «صم أو أعتق» ، أو قائمة بكل منهما مع عدم إمكان الجمع بين المصلحتين ، لسقوط الوجوب بإتيان أحد الشيئين اللذين تقوم بهما المصلحتان.
وأما مغايرتهما إثباتا : فلاحتياج الوجوب التخييري إلى بيان العدل بمثل كلمة «أو»