قلت : هذا (١) غاية ما يمكن أن يقال في تقريب الاستدلال على كون ما انحصر به التخلّص مأمورا به ، وهو موافق لما أفاده شيخنا العلامة «أعلى الله مقامه» على ما في تقريرات بعض الأجلّة ، لكنه (٢) لا يخفى : أنّ ما به التخلّص عن فعل الحرام أو ترك الواجب إنّما يكون حسنا عقلا ومطلوبا شرعا بالفعل وإن كان قبيحا ذاتا إذا لم
______________________________________________________
(١) أي : ما ذكرناه. غاية ما يمكن أن يقال في تقريب الاستدلال على كون المضطر إليه بسوء الاختيار ـ مع انحصار التخلّص عن الحرام به ـ مأمورا به.
(٢) جواب عن استدلال التقريرات على كون الحرام المضطر إليه بسوء الاختيار مع الانحصار مأمورا به ، والضمير في قوله : «لكنه» للشأن.
ثم هذا الجواب يرجع إلى جوابين : أحدهما : حلّي والآخر نقضي ، والأول : ما أشار إليه بقوله : «إذا لم يتمكّن المكلّف من التخلّص بدونه ، ولم يقع بسوء اختياره» ، والثاني : ما أشار إليه بقوله : «كما هو الحال في البقاء».
وأمّا الجواب الحلّي فهو : أنّ المقدميّة لا ترفع حرمة ما يكون مقدمة لفعل واجب كالتخلّص عن الغصب ، ولا توجب ترشّح الوجوب المقدمي على المقدمة المحرمة.
وتوضيح ذلك : يتوقف على مقدمة وهي : أنّ ترشّح الوجوب المقدمي على المقدمة المحرمة ، وانقلاب المحرم إلى الواجب مشروط بشرطين
الشرط الأوّل : هو انحصار المقدمة في خصوص المحرمة بأن يكون التخلّص منحصرا بالحرام ؛ كانحصار طريق الإنقاذ الواجب في المكان المغصوب ، إذ لو لا الانحصار وكان له مقدمة مباحة أيضا لا يترشّح الوجوب الغيري من ذي المقدمة على المقدّمة المحرمة ؛ بل يترشّح على خصوص المباحة فلم يصير المحرم واجبا؟
الشرط الثاني : أن لا يكون الاضطرار إلى المقدمة المحرمة بسوء الاختيار. فلو كان بسوء الاختيار ـ كما لو دخل الدار المغصوبة مع العلم بانحصار طريق الخروج في المحرم ـ لم يترشّح الوجوب المقدميّ إلى المقدمة المحرمة ؛ بل تبقى على حرمتها إلى ما بعد الاضطرار أيضا فلم يصير المحرم واجبا؟
ثم فسّر المصنف سوء الاختيار : بأنّه عبارة عن إيقاع النفس في أمر لا محيص معه عن ارتكاب أحد محرمين :
المحرّم الأول : الاقتحام في ترك الواجب أو فعل الحرام ، والاقتحام في ترك الواجب كما إذا اختار البقاء في المكان المغصوب ؛ حيث إن البقاء ترك للتخلّص الواجب. والاقتحام في فعل الحرام كالبقاء في المغصوب حيث إنّه حرام لكونه غصبا ، فالبقاء يمكن