إهمال ولا إجمال. بخلاف إطلاق الأمر ، فإنه لو لم يكن لبيان خصوص الوجوب التعييني ، فلا محالة يكون في مقام الإهمال أو الإجمال ، تأمل تعرف.
هذا ، مع إنه لو سلم (١) لا يجدي القائل بالمفهوم ، لما عرفت : أنه لا يكاد ينكر فيما إذا كان مفاد الإطلاق من باب الاتفاق.
ثم إنه ربما استدل المنكرون للمفهوم بوجوه :
______________________________________________________
الشرط الآخر ـ على تقدير وجوده واقعا ـ مخلا بالإطلاق ، ولا موجبا للإهمال ، بل يكون الشرط المذكور في الكلام مؤثرا تاما. بخلاف إطلاق الوجوب ، فإنه لو لم يكن في مقام الوجوب التعييني كان الكلام مهملا ، ولا يستفاد منه خصوص التعييني ولا التخييري.
والمتحصل : أنه إذا قال المولى : «إن سافرت فأفطر الصوم» ، ولم يذكر موجبا آخر للإفطار ـ أعني الخوف على النفس ـ كان هذا الإطلاق صحيحا ، إذ مقتضاه كون السفر علة للإفطار مطلقا ، بمعنى : إنه ليس هناك بعض أفراد السفر غير موجب للإفطار. وهذا الإطلاق لا ينافي إيجاب الخوف على النفس للإفطار أيضا ، إذ شرطية الشرط موجودة حتى في صورة التعدد ، ولا تتفاوت شرطية الشرط حين الوحدة مع شرطيته حين التعدد.
وهذا بخلاف الوجوب ، فإن المولى إذا كان في مقام البيان لا بد له أن يبين العدل ـ لو كان ـ فلو قال : «أطعم» مطلقا فيما كان الواجب أحد الأمرين ـ الصيام أو الإطعام ـ فلا بد وأن يكون في مقام الإهمال ، إذ وجود العدل ينافي وجود الإطلاق مطلقا.
وبالجملة : أن إطلاق الشرط لا ينافي وجود شرط آخر ، وإطلاق الواجب ينافي وجود العدل. فإطلاق الشرط لا يدل على عدم شرط آخر حتى يدل على المفهوم ، بخلاف الواجب فإن إطلاقه يدل على عدم واجب آخر الموجب لكون الواجب تعيينيا.
قوله : «فتأمل تعرف» إشارة إلى دقة النظر حتى يعرف حال قياس إطلاق الشرط بإطلاق صيغة الأمر بأنه قياس مع الفارق ، إذ لا يمكن إثبات كون الشرط علة منحصرة للجزاء بسبب الإطلاق ، كما يمكن إثبات كون الواجب تعيينيا من جهة إطلاق صيغة الأمر.
(١) أي : لو سلم كون الشرطية مختلفة بحسب السنخ كاختلاف الوجوب سنخا ، وقيل : بأن إطلاق الشرط يكون مثبتا للشرطية المنحصرة ، كإثبات الإطلاق للوجوب التعييني كان هذا المقدار غير مجد للقائل بالمفهوم ، لكون هذا الإطلاق نادرا ، واتفاقيا لعدم كونه بمقتضى الوضع أو القرينة العامة ، كما يدعيه القائل بالمفهوم ، وقد عرفت سابقا : أن إطلاق الشرط قد يكون لبيان كون الشرط علة منحصرة للجزاء.