ولعمري لا يكاد ينقضي تعجبي كيف تجعل خصوصيات الإنشاء من خصوصيات المستعمل فيه مع إنها كخصوصيات الإخبار تكون ناشئة من الاستعمال ، ولا يكاد يمكن أن يدخل في المستعمل فيه ما ينشأ من قبل الاستعمال ، كما هو واضح لمن تأمّل.
الأمر الثاني (١):
أنه إذا تعدد الشرط مثل : (إذا خفي الأذان فقصر) (*) و (إذا خفي الجدران فقصر) (**) فبناء على ظهور الجملة الشرطية في المفهوم لا بدّ من التصرف ورفع اليد
______________________________________________________
في تعدد الشرط ووحدة الجزاء
(١) محل البحث في هذا الأمر الثاني هو : ما إذا تعدد الشرط واتحد الجزاء في الشرطين لفظا ومفهوما نحو : «إذا خفي الأذان فقصر ، وإذا خفي الجدران فقصر» ، فالقائل بعدم المفهوم في راحة ، إذ شرط التقصير عنده هو خفاء كليهما نظرا إلى منطوق القضيتين ، ولا تعارض بينهما حينئذ أصلا.
وأما القائل بالمفهوم بالوضع أو بالقرينة العامة ، فلا بد له من التصرف فيهما بأحد الوجوه الأربعة لحل التعارض بين منطوق كل منهما ومفهوم الآخر ، لأن مقتضى مفهوم «إذا خفي الأذان فقصر» هو : عدم وجوب القصر عند عدم خفاء الأذان وإن خفي الجدران ، ومقتضى منطوق «وإن خفي الجدران فقصر» هو : عدم وجوب القصر عند عدم خفاء الجدران وإن خفي الأذان ، فيقع التعارض بين منطوق كل منهما ومفهوم الآخر كما عرفت.
وقد تعرض المصنف للتصرف في ظهور كل منهما في المفهوم بأحد الوجوه الأربعة :
١ ـ ما أشار إليه بقوله : «إما بتخصيص مفهوم كل منهما بمنطوق الآخر» ، لأن المنطوق أقوى دلالة من المفهوم فيقال : «إذا لم يخف الأذان فلا تقصر» إلا إذا خفي الجدران. وكذا يخصص مفهوم إذا خفي الجدران بمنطوق الآخر فيقال : «إذا لم يخف
__________________
(*) الرواية في التهذيب ، ج ٤ ، ص ٢٣٠ ، ح ٥٠ هكذا : عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله «عليهالسلام» قال : سألته عن التقصير. قال : «إذا كنت في الموضع الذي تسمع فيه الأذان فأتم ، وإذا كنت في الموضع الذي لا تسمع فيه الأذان فقصر ، وإذا قدمت من سفر فمثل ذلك».
(**) الرواية كما في الكافي ، ج ٣ ، ص ٤٣٤ ، ح ١ / التهذيب ، ج ٢ ، ص ١٢٠ ، ح ١ / الفقيه ، ج ١ ، ص ٤٣٥ ، ح ١٢٦٦ : عن محمد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد الله «عليهالسلام» : الرجل يريد السفر متى يقصر؟ قال : «إذا توارى من البيوت ...».