بلا كلام كما هو المفروض في المقام (١) ، ضرورة : تمكّنه منه قبل اقتحامه فيه بسوء اختياره.
وبالجملة (٢) : كان قبل ذلك متمكّنا من التصرّف خروجا كما يتمكّن منه دخولا ، غاية الأمر : يتمكّن منه بلا واسطة ، ومنه بالواسطة. ومجرّد عدم التمكّن منه إلّا بواسطة لا يخرجه عن كونه مقدورا (٣) ، كما هو الحال في البقاء (٤) ، فكما يكون
______________________________________________________
(١) «كما هو المفروض» أي : الوقوع في أحد المحرمين بسوء الاختيار «المفروض في المقام» ، وإنّما يكون الخروج محرّما إذا كان الدخول بسوء الاختيار ، «ضرورة : تمكنه منه» أي : تمكّن المكلّف من التخلّص عن الحرام «قبل اقتحامه فيه» قبل اقتحام المكلف في الحرام ، الصادر هذا الاقتحام «بسوء اختياره» ، فقوله : «ضرورة» تعليل لكون الوقوع في الحرام بسوء الاختيار.
(٢) هذا ردّ لما يتوهم من الفرق بين الدخول في المكان المغصوب والخروج عنه بتقريب : أن الدخول حرام لكونه مقدورا للمكلف ، بخلاف الخروج حيث إنه غير مقدور له ، إذ لو لم يدخل لما كان متمكّنا منه ، فلا يكون حراما لأنّ التكليف مشروط بالقدرة.
وحاصل الرّد : أنّ التكليف وإن كان مشروطا بالتمكّن والقدرة إلّا إنّ القدرة المعتبرة فيه أعمّ من أن تكون بلا واسطة أو معها ، ومن المعلوم : أن الخروج مقدور للمكلّف بواسطة الدخول ، وهذا المقدار من القدرة كاف في صحّة توجه النهي إليه ، فيصير الخروج منهيا عنه لكونه مقدورا بواسطة الدخول.
وكيف كان ؛ فيتمكّن المكلف من الدخول بلا واسطة ، ومن الخروج بالواسطة.
(٣) لأن المقدور بالواسطة مقدور.
(٤) هذا إشارة إلى الجواب النقضي وهو نقض الخروج بالبقاء ، بمعنى : أن كلّا من البقاء في الدار المغصوبة والخروج عنها متوقف على الدخول ، وقد اعترف الخصم بحرمة البقاء بقوله : «إنّ قلت : إنّ التصرّف في أرض الغير بدون إذنه بالدخول والبقاء حرام بلا إشكال».
وتوضيح النقض : أن البقاء عبارة عن استمرار الغصب ، وهو متفرع على أصل الغصب بالدخول كتفرع الخروج عليه ، فلا فرق بين البقاء والخروج في الفرعية على الدخول ، وكونهما مقدورين بالواسطة ، فلو لم تكف القدرة بالواسطة في صحة توجه التكليف بالنهي إلى الخروج لم تكف القدرة بالواسطة في صحة توجه التكليف بالنهي إلى البقاء أيضا ، فما أجاب به الخصم عن الإشكال الوارد على البقاء نجعله جوابا عن الإشكال الذي أورده على الخروج ، والنقض في الحقيقة تكثير في الإشكال.