عن الظهور ، إما بتخصيص مفهوم كل منهما بمنطوق الآخر فيقال : بانتفاء وجوب القصر عند انتفاء الشرطين (١).
______________________________________________________
الجدران فلا تقصر» إلا إذا خفي الأذان ، ومقتضى تخصيص المفهومين هو : عدم انحصار الشرط في كل من الخفاءين وأن كلا من الشرطين عدل للآخر ، إذ المتحصل بعد تخصيص المفهومين بالمنطوقين هو : «إذا خفي الأذان أو الجدران وجب القصر» ، ومفهومه : «إذا لم يخفيا لا يجب القصر» ، وأما إذا خفي أحدهما وجب القصر ، لأنه مقتضى ثبوت العدل للشرط في إحدى القضيتين ، فيكون مرجع هذا الوجه إلى رفع اليد عن ظهور القضية الشرطية في عموم المفهوم ، ونتيجته : إثبات عدلية كل من الشرطين للآخر ، ونفي الجزاء عند انتفاء كليهما ، فينتفي وجوب القصر بانتفاء الخفاءين.
(١) يعني : خفاء الأذان والجدران في المثال المذكور ، لأن المفهوم حينئذ هو انتفاء وجوب القصر عند انتفاء الخفاءين.
٢ ـ ما أشار إليه بقوله : «وإمّا برفع اليد عن المفهوم فيهما» ، وهذا الوجه هو ثاني الوجوه الأربعة وحاصله : هو رفع اليد عن المفهوم في الشرطيتين ، بأن تكون القضيتان الشرطيتان كالقضية اللقبية في عدم الدلالة على المفهوم ، فيكون كل منهما من قبيل زيد قائم ، حيث لا يدل على نفي القيام عن عمرو ، لأن إثبات شيء لشيء لا يدل على نفي ذلك الشيء عن غيره ، فإثبات وجوب القصر عند خفاء الأذان لا يدل على نفيه عند خفاء الجدران ، بمعنى : أن خفاء الأذان بالاستقلال موجب للقصر ، وخفاء الجدران كذلك موجب للقصر ، فمفادهما : مجرد الثبوت عند الثبوت ، بلا دلالة على الانتفاء عند الانتفاء ، فالنتيجة حينئذ : إنكار المفهوم ، إذ لا تدل القضية الشرطية في كل منهما على عدم دخل شيء آخر في ثبوت الجزاء.
والفرق بين هذا الوجه والوجه الأول هو : أن هذا الوجه لا يدل على المفهوم أصلا يعني : لا تدل الشرطيتان على عدم دخل شيء آخر في ثبوت الجزاء فلا يقع بينهما تعارض أصلا ، هذا بخلاف الوجه الأول ، فإن فيهما الدلالة على المفهوم وعدم مدخلية شيء آخر في الجزاء ، فيقع التعارض بينهما ويخصص مفهوم كل منهما بمنطوق الآخر كما عرفت ، فالوجه الأول من قبيل أكرم زيدا ولا تكرم غيره ، وأكرم عمروا ولا تكرم غيره ، والوجه الثاني من قبيل أكرم زيدا وأكرم عمروا.
وكيف كان ؛ فحاصل هذا الوجه الثاني هو : الالتزام بعدم المفهوم في كل منهما.
٣ ـ ما أشار إليه بقوله : «وإما بتقييد إطلاق الشرط في كل منهما بالآخر». هذا هو