الأمر الثالث :
إذا تعدد الشرط واتحد الجزاء (١) فلا إشكال على الوجه الثالث ، وأما على سائر
______________________________________________________
في تداخل الأسباب أو المسببات وعدمه
(١) وقبل الخوض في أصل البحث ـ وتحقيق المصنف فيه ـ ينبغي تقديم أمور :
١ ـ بيان ما هو المقصود بالبحث في هذا الأمر الثالث فنقول : إن المقصود الأصلي بالبحث في هذا الأمر الثالث هو : التداخل وعدمه ، كما أن المقصود الأصلي بالبحث في الأمر الثاني هو دلالة القضية الشرطية على المفهوم ، فيقع التعارض بين منطوق كل منهما ومفهوم الأخرى ، وعدم دلالتها عليه فلا موضوع للتعارض ، فالنزاع هنا إنما هو في تداخل المنطوقين مع قطع النظر عن المفهوم.
ولو لا هذا التفاوت لكان كلا الأمرين من باب واحد وهو تعدد الشرط ووحدة الجزاء إلّا أن يقال : إن الأمر الثاني بمنزلة الصغرى ، والأمر الثالث بمنزلة الكبرى ، بمعنى : أن البحث في الأمر السابق عن أصل سببية كل من الشرطين في الجزاء ، وأن كلا منهما سبب مستقل أم لا؟ هذا بخلاف البحث في الأمر الثالث ، فإن البحث هنا في السببين المستقلين هل يتداخلان في المسبب بأن يستتبعا مسببا واحدا ـ كوضوء واحد عقيب النوم والبول ـ أم لا؟
٢ ـ إن التداخل على قسمين ، أحدهما : التداخل في الأسباب. وثانيهما : التداخل في المسببات. وأما الفرق بينهما : فلأن التداخل في الأسباب معناه عدم تأثير الشرط الثاني في الوجوب مثلا.
وتداخل المسببات بمعنى : أن الشرط الثاني قد أثر في الوجوب كالأول ، غير إنه يندك الوجوب الثاني في الوجوب الأول ، ويتأكد الأول بالثاني ، فيكون هناك وجوب مؤكد متعلق بالجزاء ، فيكتفي بإتيانه مرة واحدة ، ويمكن أن يقصد بتداخل الأسباب : أن مقتضى القاعدة في مورد تعدد الشرط هل هو تعدد الجزاء أم عدم تعدده؟ ويقصد بتداخل المسببات : أنه لو ثبت تعدد المسببات فهل مقتضى القاعدة تحقق امتثال الجميع بواحد أم لا؟ بل لا يتحقق إلا بالإتيان بالمتعلق بعدد أفراد الأسباب.
٣ ـ إن محل الكلام في التداخل أو عدمه إنما هو : فيما إذا لم يعلم من الخارج ذلك ، وإلا فهو خارج عن محل الكلام ، كما هو الحال في الوضوء والغسل حيث علم من الخارج أنه لا يجب على المكلف عند اجتماع أسبابه إلا وضوء واحد ، وكذا الحال في الغسل ، ومنشأ هذا العلم هو الروايات الدالة على ذلك في كلا البابين.