بظاهرها إذا تعدد الشرط حقيقة أو وجودا محالا ، ضرورة : أن لازمه أن يكون الحقيقة الواحدة ـ مثل الوضوء ـ بما هي واحدة في مثل : (إذا بلت فتوضأ ، وإذا نمت فتوضأ) ، أو فيما إذا بال مكررا ، أو نام كذلك ، محكوما بحكمين متماثلين ، وهو واضح الاستحالة كالمتضادين.
______________________________________________________
الجزاء عند حدوث الشرط ؛ إذ هو مقتضى علية الشرط للجزاء ، لأن أدوات الشرط وضعت لسببية الأول للثاني.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول : إنه لا بد من الالتزام بعدم التداخل ، حيث إن التداخل مستلزم لاجتماع المثلين ؛ لما عرفت في المقدمة : من علية الشرط للجزاء المستلزمة لحدوثه عند حدوث الشرط ، ومقتضى هذا الاستلزام : تعدد الجزاء بتعدد الشرط. والأخذ بهذا الظاهر محال ؛ للزوم اجتماع حكمين مثلين ـ كوجوبين ـ في موضوع واحد وهو الجزاء كالوضوء ـ في مثل : «إذا بلت فتوضأ ، وإذا نمت فتوضأ» ـ إذ المفروض : أن الوضوء حقيقة واحدة. ومن المعلوم : أن اجتماع المثلين كاجتماع الضدين محال ، ويلزم هذا المحذور على القول بالتداخل.
وأما على القول بعدم التداخل : فلا يلزم اجتماع المثلين ، ولا التصرف في ظاهر القضية الشرطية ؛ من حدوث الجزاء بحدوث الشرط بأن يقال : إن المسبب في كل واحد من الشرطين هو وجود من الطبيعة مغاير لوجودها في الشرط الآخر.
وأما على القول بالتداخل : فيلزم المحذور المذكور ، وحينئذ : فلا بد من التصرف في ظاهر القضية الشرطية ، إذ لا يمكن التفصي عن محذور اجتماع المثلين إلا بالتصرف بأحد وجوه ثلاثة :
١ ـ ما أشار إليه بقوله : «إما بالالتزام بعدم دلالتها في هذا الحال على الحدوث عند الحدوث» ، ومرجع هذا الوجه إلى التصرف في ظهور الشرط في كونه علة لحدوث الجزاء برفع اليد عن ظهوره في ذلك ، وإرادة ثبوت الجزاء عند ثبوته ، والثبوت أعم من الحدوث والبقاء ، ففي صورة تقارن الشرطين زمانا يستند ثبوت الجزاء إلى الجامع بينهما ، وفي صورة ترتبهما وتقدم أحدهما على الآخر زمانا يستند ثبوت الجزاء إلى المتقدم منهما ، فقوله : «إذا نمت فتوضأ» يدل على ثبوت وجوب الوضوء عند ثبوت النوم ، فإن لم يسبقه البول مثلا استند حدوث الجزاء إلى النوم ، وإن سبقه استند إليه ، وإن قارنه استند إلى الجامع بينهما. فمعنى العبارة : إما بالالتزام بعدم دلالة الجملة الشرطية في حال تعدد الشرط على كون وجود الجزاء ناشئا من قبل الشرط مستقلا.
هذا تمام الكلام في الوجه الأول ـ أما الوجه الثاني من وجوه التصرف ـ فقد أشار إليه